للناس عقيدة وشريعة، وعلما وعملا، وأخلاقا وفضائل، وعدلا ورحمة، وسياسة وقيادة، أما جان دارك، فلم تصنع بدعوتها أمة، ولم تقم بها حضارة.
بل أين حال هذه الفتاة التي كانت كبارقة أو مضت ثم اختفت، وشمعة أضاءت ثم لم تلبث أن خفتت، وثورة قدر سرعان ما زالت من حال شمس النبوة المحمدية التي أشرقت فأضاءت الأرجاء، وسطعت فبددت الظلمات، ظلمات الشرك والجهل والفقر والخرافات، ولا يزال نورها- ولن يزال- متألق السناء، إلا ما أبعد الفرق بين الحالين، وفرق ما بينهما كفرق ما بين الأرض والسماء.
لقد أسفّ بعض المستشرقين والمبشرين فزعموا أن الحالة التي كانت تعتري النبي صلى الله عليه وسلم عند تلقي الوحي من جبريل، وهو على حالته الملكية، وهي الحالة التي كان النبي يغيب فيها عن الناس وعما حوله، ويسمع له غطيط كغطيط (?) النائم، ويتصبب عرقه، ويثقل جسمه، هي حالة صرع تتمخض عما يخبر به أنه وحي.
وإليك رد هذه الفرية لترى أنهم طعنوا في غير مطعن، وطاروا في غير مطار.
1 - إن النبي صلى الله عليه وسلم بشهادة الأعداء قبل الأصدقاء كان أصح الناس بدنا وأقواهم جسما، وأوصافه التي تناقلها الرواة الثقات تدل على البطولة الجسمانية، وقد بلغ من قوته أنه صارع ركانة بن عبد يزيد فصرعه، وكان ركانة هذا مصارعا ماهرا، ما قدر أحد أن يأتي بجانبه إلى الأرض، ولما عرض عليه النبي الدعوة قال: صارعني فإن أنت غلبتني آمنت أنك رسول الله، فصارعه الرسول فغلبه، فقيل إنه أسلم عقب ذلك (?) والمصاب