الْعَادَةِ فَأُحْضِرَ فَمَدَّ يَدَهُ لِيَسِيلَ الْعَسَلُ عَلَى الْعَادَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ فَقَالَ لَهُ: وَأَيْنَ مَا تَدَّعِيهِ؟ فَقَالَ: انْقَطَعَ الْآنَ فَقَالَ لَوْ كَانَ حَقًّا مَا انْقَطَعَ؛ لِأَنَّ الْبَاطِلَ إذَا حَضَرَهُ الْحَقُّ زَهَقَ، ثُمَّ عَزَّرَهُ وَوَبَّخَهُ بِالْكَلَامِ وَقَالَ لَهُ: كُنْتَ تُطْعِمُ الْمُسْلِمِينَ أَبْوَالَ الشَّيَاطِينِ وَأَخْرَجَهُ عَنْ ذَلِكَ الْحَالِ وَتَوَّبَهُ عَنْهُ.
وَمِنْهُمْ مِنْ يُظْهِرُ الْكَرَامَةَ بِإِمْسَاكِ الثَّعَابِينِ وَالْأُنْسِ بِهَا وَهَذَا فِيهِ مَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ وَالتَّمْوِيهِ عَلَى الْأُمَّةِ بِمَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ إذْ إنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ لِمَعِيشَتِهِمْ فَكَيْفَ يُعَدُّ كَرَامَةً؟ وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا يَفْعَلُونَهُ مِنْ أَكْلِهِمْ الثَّعَابِينَ بِالْحَيَاةِ بِمَرْأًى مِنْ النَّاسِ، وَذَلِكَ مُحَرَّمٌ أَيْ لَوْ كَانَ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ أَكْلَهَا لَا يَجُوزُ إلَّا بَعْدِ تَذْكِيَتِهَا عِنْدَ مَنْ يَرَى أَكْلَهَا وَهُمْ يَأْكُلُونَهَا مِنْ غَيْرِ تَذْكِيَةٍ بَلْ يُؤَدَّبُونَ كُلَّ أَكْلَةٍ مِنْ أَكَلَاتِهِمْ تَأْدِيبًا بَلِيغًا رَادِعًا، ثُمَّ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حَقِيقَةٍ فَهُوَ مِنْ صَنْعَةِ النَّارِ نَجِيَّاتِ وَالسِّيمِيَاءِ وَمَا شَاكَلَهَا وَلَيْسَ مِنْ بَابِ الْكَرَامَةِ فِي شَيْءٍ.
وَكُنْتُ أَعْهَدُ مِثْلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِبِلَادِ الْمَغْرِبِ تُفْعَلُ عَلَى أَبْوَابِهَا وَيَتَضَاحَكُ النَّاسُ عَلَيْهَا فِي لَهْوِهِمْ وَلَعِبِهِمْ وَيَسْتَغْنُونَ بِسَبَبِهَا وَهُمْ فِي هَذِهِ الْبِلَادِ فِي بَعْضِ الْأَمَاكِنِ يَعُدُّونَهَا مِنْ الْكَرَامَاتِ ويَعْتَقِدُونَهُمْ بِسَبَبِهَا وَمِنْهُمْ طَائِفَةٌ اسْتَنَّتْ سَنَةً سَيِّئَةً وَهُمْ الَّذِينَ يَحْلِقُونَ لِحَاهُمْ، وَذَلِكَ مُخَالَفَةٌ لِلسُّنَّةِ وَارْتِكَابٌ لِلْبِدْعَةِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ شَرْعِيَّةٍ.
وَأَمَّا إذَا كَانَ لِلضَّرُورَةِ مِثْلُ التَّدَاوِي وَغَيْرِهِ فَجَائِزٌ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَفْعَلُ عَكْسَ ذَلِكَ فَلَا يَأْخُذُونَ شَيْئًا مِنْ شُعُورِ أَبْدَانِهِمْ وَيُعَلِّلُونَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ مِنْ حُسْنِ الصُّحْبَةِ، وَذَلِكَ قَبِيحٌ شَنِيعٌ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ فِعْلَ الرُّهْبَانِ وَفِيهِ الْمُثْلَةُ وَالِاسْتِقْذَارُ، وَقَدْ نُهِينَا عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ.
وَمِنْهُمْ مِنْ يَلْبَسُ اللِّيفَ، وَالْأَشْيَاءَ الَّتِي لَا تَسْتُرُ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مِثْلَ الشَّعْرِ وَغَيْرِهِ وَهَذَا أَيْضًا مِنْ الْمُثْلَةِ وَالشُّهْرَةِ، وَالْبِدْعَةِ وَكَشْفِ الْعَوْرَةِ وَتَرْكِ الصَّلَاةِ إذْ إنَّهُ لَا يَجُوزُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ وَلَا غَيْرِهَا وَأَشْنَعُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ وَأَقْبَحُ مَا اتَّخَذَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ لُبْسِ الْحَدِيدِ فَيَتَّخِذُ سِوَارَيْنِ فِي يَدَيْهِ كَمَا تَتَّخِذُهُمَا الْمَرْأَةُ مِنْ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ.
وَبَعْضُهُمْ يَحْمِلُ فِي عُنُقِهِ طَوْقًا