وَلَا يَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إلَى زَمَانٍ طَوِيلٍ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي أَدْنَى لَحْظَةٍ؛ لِأَنَّ تَعْلِيمَ ذَلِكَ الْجُهَّالِ يَفْتَقِرُ إلَى الزَّمَانِ الطَّوِيلِ وَتَذَكُّرَهَا يَكُونُ فِي لَحْظَةٍ انْتَهَى.
وَمِنْ تَمَامِ النِّيَّةِ وَتَكْمِلَتِهَا وَحُسْنِهَا وَتَنْمِيَتِهَا أَنْ تَكُونَ مُسْتَصْحَبَةً فِي كُلِّ فِعْلٍ يَفْعَلُهُ لَكِنْ هَذَا فِي الْغَالِبِ صَعْبٌ عَسِيرٌ فِي حَقِّ أَكْثَرِ النَّاسِ، وَذَلِكَ حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ فَيُجْزَى بِالنِّيَّةِ الَّتِي خَرَجَ بِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَتَحَصَّلَ لَنَا مِنْ النِّيَّاتِ فِي الْخُرُوجِ إلَى الْمَسْجِدِ اثْنَانِ وَتِسْعُونَ مَعَ مَا يُضَافُ إلَى ذَلِكَ مِنْ نِيَّةِ شُرُوطِ وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَفَرَائِضِهَا وَسُنَنِهَا وَفَضَائِلِهَا، وَذَلِكَ سَبْعٌ وَسِتُّونَ.
فَالشُّرُوطُ خَمْسَةٌ وَهِيَ الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَانْقِطَاعُ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَدُخُولُ وَقْتِ الصَّلَاةِ. وَتَخْتَصُّ الْجُمُعَةُ بِثَمَانِيَةِ شُرُوطٍ: أَرْبَعٌ لِلْوُجُوبِ، وَأَرْبَعٌ: لِلْأَدَاءِ فَأَمَّا الْأَرْبَعُ الَّتِي لِلْوُجُوبِ فَهِيَ الذُّكُورِيَّةُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْإِقَامَةُ وَمَوْضِعُ الِاسْتِيطَانِ. أَمَّا الَّتِي لِلْأَدَاءِ فَهِيَ إمَامٌ وَجَمَاعَةٌ وَمَسْجِدٌ وَخُطْبَةٌ.
وَالْفَرَائِضُ ثَمَانِيَةَ عَشْرَ، وَكَذَلِكَ مِنْ السُّنَنِ وَكَذَلِكَ مِنْ الْفَضَائِلِ فَالْفَرَائِضُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا عِنْدَ الْجَمِيعِ عَشْرَةٌ: وَهِيَ النِّيَّةُ وَالطَّهَارَةُ وَمَعْرِفَةُ الْوَقْتِ وَالتَّوَجُّهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ وَرَفْعُ الرَّأْسِ مِنْ السُّجُودِ وَالْقِيَامُ وَالْجُلُوسُ الْأَخِيرُ وَتَرْتِيبُ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَمِنْهَا ثَلَاثٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَهِيَ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامُ وَقِرَاءَةُ أُمِّ الْقُرْآنِ عَلَى الْإِمَامِ وَالْفَذِّ، وَمِنْهَا خَمْسٌ مُخْتَلِفٌ فِيهَا فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهِيَ الرَّفْعُ مِنْ الرُّكُوعِ وَطَهَارَةُ الثَّوْبِ وَالْبُقْعَةُ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ وَتَرْكُ الْكَلَامِ وَالِاعْتِدَالُ فِي الْفَصْلِ بَيْنَ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَاثْنَتَانِ مُخْتَلِفٌ فِيهِمَا هَلْ هُمَا شَرْطُ صِحَّةٍ أَوْ شَرْطُ كَمَالٍ؟ وَهُمَا الْخُشُوعُ وَدَوَامُ النِّيَّةِ.
أَمَّا السُّنَنُ فَأَوَّلُهَا إقَامَةُ الصَّلَاةِ فِي الْمَسَاجِدِ وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَيَخْتَلِفُ فِي الرَّفْعِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَرَفْعُ الرَّأْسِ مِنْهُ وَالسُّورَةُ الَّتِي تُقْرَأُ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ وَالْجَهْرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي مَوْضِعِ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ بِهَا فِي مَوْضِعِ السِّرِّ، وَالْإِنْصَاتُ مَعَ الْإِمَامِ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ وَالتَّكْبِيرُ سِوَى تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَقَدْ قِيلَ: أَنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ بِانْفِرَادِهَا