بِقَوْلِهِ {تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور: 61] مَنْ عَامَلَهُمْ بِذَلِكَ وَجَدُوا عَلَيْهِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ عَلَى تَرْكِ السُّنَنِ وَالْجَهْلِ بِهَا وَالْحِرْمَانِ مِنْ بَرَكَتِهَا وَبَرَكَةِ مَعْرِفَتِهَا وَبَرَكَةِ مَعْرِفَةِ أَهْلِهَا. وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَوْ أَتَى بِالْمُصَافَحَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَتَرَكَ تَقْبِيلَ الْيَدِ لَوَجَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا وَجَدُوا عَلَى مَنْ قَبْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى وَمَا نَحَوْنَا نَحْوَهُ «قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِحُذَيْفَةَ: كَيْفَ بِك يَا حُذَيْفَةُ إذَا تَرَكْتَ بِدْعَةً قَالُوا تَرَكَ سُنَّةً» .

وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ فَيَكُونُ هَذَا الْعَالِمُ يَتَحَرَّزُ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ كُلِّهِ وَيَتَفَطَّنُ لَهُ وَيَرْعَاهُ إذْ هُوَ رَاعٍ لِمَنْ حَضَرَهُ وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَحَصَلَ فِي هَذَا الْقِيَامِ وَمَا جَرَّ إلَيْهِ مِنْ الْخِصَالِ الْمَذْمُومَةِ شَرْعًا مَا هَذَا عَدَدُهُ، وَهِيَ مَحَبَّةُ الْقِيَامِ وَفِعْلِهِ وَالِانْحِنَاءِ وَالرُّكُوعِ وَالْكَذِبِ بِالْأَلْفَاظِ الَّتِي اصْطَلَحُوا عَلَيْهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنْ التَّزْكِيَةِ وَالتَّمَلُّقِ وَتَكْرَارِ ذَلِكَ وَالْيَمِينِ عَلَيْهِ وَتَكْرَارِهَا وَالْمُدَاهَنَةِ، وَهُوَ أَنْ يُظْهِرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خِلَافَ مَا يُبْطِنُ وَالتَّكَبُّرِ بِذَلِكَ وَالِاحْتِقَارِ لِمَنْ لَا يُقَامُ لَهُ وَالرِّيَاءِ بِالْقِيَامِ وَمَا جَرَّ إلَيْهِ، وَذَلِكَ اثْنَتَا عَشْرَةَ خَصْلَةً أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْ بَلَائِهِ بِمَنِّهِ.

وَلْيَحْذَرْ أَنْ يَغْتَرَّ أَوْ يَمِيلَ إلَى بِدْعَةٍ لِدَلِيلٍ قَامَ عِنْدَهُ عَلَى إبَاحَتِهَا مِنْ أَجْلِ اسْتِئْنَاسِ النُّفُوسِ بِالْعَوَائِدِ أَوْ بِفَتْوَى مُفْتٍ قَدْ وَهِمَ أَوْ نَسِيَ أَوْ جَرَى عَلَيْهِ مِنْ الْأَعْذَارِ مَا يَجْرِي عَلَى الْبَشَرِ وَهُوَ كَثِيرٌ، بَلْ إذَا نَقَلَ إبَاحَةَ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ فَيَنْبَغِي لِلْعَالِمِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَأْخَذِ الْعَالِمِ الْمَسْأَلَةَ وَتَجْوِيزِهِ إيَّاهَا مِنْ أَيْنَ اخْتَرَعَهَا وَكَيْفِيَّةِ إجَازَتِهِ لَهَا؛ لِأَنَّ هَذَا الدِّينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مَحْفُوظٌ فَلَا يُمْكِنُ أَنَّ أَحَدًا يَقُولُ فِيهِ قَوْلًا وَيَتْرُكُهُ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ أَحَدٌ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، وَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ قَوَاعِدُ الشَّرْعِ تَشْهَدُ بِصِحَّتِهِ فَيُرْجَعُ لِلْقَوَاعِدِ وَلِلدَّلَائِلِ الْقَائِمَةِ، وَيَكُونُ قَوْلُ هَذَا الْعَالِمِ بَيَانًا وَتَفْهِيمًا وَبَسْطًا لِلْقَوَاعِدِ وَالدَّلَائِلِ، وَإِنْ أَتَى عَلَى مَا يَقُولُهُ بِدَلِيلِ فَيُنْظَرُ فِي الدَّلِيلِ، فَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا قُبِلَ وَكَانَ لَهُ أَجْرَانِ أَجْرُ الِاجْتِهَادِ وَأَجْرُ الْإِصَابَةِ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لَمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015