أَظُنك أَيهَا السَّامع لما علمت أَن فَتَاوَى الإِمَام أَحْمد كَانَت هِيَ وفتاوى الصَّحَابَة كَأَنَّهَا تخرج من مشكاة وَاحِدَة حَتَّى إِن الصَّحَابَة إِذا اخْتلفُوا على قَوْلَيْنِ جَاءَ عَنهُ فِي الْمَسْأَلَة رِوَايَتَانِ وَقد يكون لَهُ فِي الْمَسْأَلَة الْوَاحِدَة رِوَايَات ثمَّ إِنَّك تنظر فِي كتب الْأَصْحَاب فتجد غالبها مَبْنِيا على قَول وَاحِد وَرِوَايَة وَاحِدَة أخذك الشوق إِلَى أَن تعلم كَيفَ كَانَ تصرف الْأَصْحَاب فِي ذَلِك وَمَا هِيَ طَريقَة المرجحين لإحدى الرِّوَايَات على الْأُخْرَى وَكَيف كَانَت طريقتهم فِي الْمسَائِل الَّتِي لَيْسَ فِيهَا رِوَايَة عَن الإِمَام فَإِذا سما بك الشوق إِلَى هَذَا فاستمع لما أتلو عَلَيْك لتتجلى لَك الْحَقَائِق ولتكون من أَمرك على يَقِين
لَا يخفاك أَن الْأَصْحَاب أخذُوا مَذْهَب أَحْمد من أَقْوَاله وأفعاله وأجوبته وَغير ذَلِك فَكَانُوا إِذا وجدوا عَن الإِمَام فِي مَسْأَلَة قَوْلَيْنِ عدلوا أَولا إِلَى الْجمع بَينهمَا بطريقة من طرق الْأُصُول إِمَّا يحمل عَام على خَاص أَو مُطلق على مُقَيّد فَإِذا أمكن ذَلِك كَانَ الْقَوْلَانِ مذْهبه وَإِن تعذر الْجمع بَينهمَا وَعلم التَّارِيخ فَاخْتلف الْأَصْحَاب فَقَالَ قوم الثَّانِي مَذْهَب وَقَالَ آخَرُونَ الثَّانِي وَالْأول وَقَالَت طَائِفَة الأول وَلَو رَجَعَ عَنهُ
وَصَحَّ القَوْل الأول الشَّيْخ عَلَاء الدّين المرداوي فِي كِتَابه تَصْحِيح الْفُرُوع وَتبع غَيره فِي ذَلِك فَإِن جهل