وَأما مَالك فَإِنَّهُ يقدم الحَدِيث الْمُرْسل والمنقطع والبلاغات وَقَول الصَّحَابِيّ على الْقيَاس فَإِذا لم يكن عِنْد الإِمَام أَحْمد فِي الْمَسْأَلَة نَص وَلَا قَول الصَّحَابَة أَو وَاحِد مِنْهُم وَلَا أثر مُرْسل أَو ضَعِيف عدل إِلَى الأَصْل الْخَامِس الَّذِي سَنذكرُهُ
الأَصْل الْخَامِس الْقيَاس كَانَ الإِمَام أَحْمد يَسْتَعْمِلهُ للضَّرُورَة على مَا علمت مِمَّا سبق فَفِي كتاب الْخلال عَن أَحْمد قَالَ سَأَلت الشَّافِعِي عَن الْقيَاس فَقَالَ إِنَّمَا يُصَار إِلَيْهِ عِنْد الضَّرُورَة أَو مَا هَذَا مَعْنَاهُ فَهَذِهِ الْأُصُول الْخَمْسَة من أصُول فَتَاوَى الإِمَام أَحْمد وَعَلَيْهَا مدارها
وَكَانَ رَضِي الله عَنهُ يتَوَقَّف أَحْيَانًا فِي الْفَتْوَى لتعارض الْأَدِلَّة عِنْده أَو لاخْتِلَاف الصَّحَابَة فِيهَا أَو لعدم اطِّلَاعه فِيهَا على أثر أَو قَول أحد من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَكَانَ شَدِيد الْكَرَاهَة وَالْمَنْع للإفتاء بِمَسْأَلَة لَيْسَ فِيهَا أثر عَن السّلف كَمَا قَالَ لبَعض أَصْحَابه إياك أَن تَتَكَلَّم فِي مَسْأَلَة لَيْسَ لَك فِيهَا إِمَام
وَكَانَ يسوغ استفتاء فُقَهَاء الحَدِيث وَأَصْحَاب مَالك وَيدل عَلَيْهِم وَيمْنَع من استفتاء من يعرض عَن الحَدِيث وَلَا يَبْنِي مذْهبه عَلَيْهِ وَلَا يسوغ الْعَمَل بفتواه قَالَ ابْن هانىء سَأَلت أَبَا عبد الله عَن الَّذِي جَاءَ فِي الحَدِيث أجرؤكم على الْفتيا أجرؤكم على النَّار