ابْن الْجَوْزِيّ وَأما النَّقْل فقد سلم الْكل لَهُ بِانْفِرَادِهِ فِيهِ بِمَا لم ينْفَرد بِهِ سواهُ من الْأَئِمَّة من كَثْرَة محفوظه مِنْهُ وَمَعْرِفَة صَحِيحَة من سقيمه وفنون علومه وَقد ثَبت أَنه لَيْسَ فِي الْأَئِمَّة الْأَعْلَام قبله من لَهُ حَظّ فِي الحَدِيث كحظ مَالك وَمن أَرَادَ مقَام معرفَة أَحْمد فِي ذَلِك من مقَام مَالك فَلْينْظر فرق مَا بَين الْمسند والموطأ
وَقَالَ ابْنه عبد الله سَمِعت أَبَا زرْعَة يَقُول كَانَ أَحْمد بن حَنْبَل يحفظ ألف ألف حَدِيث بتكرير الْألف مرَّتَيْنِ فَقيل لَهُ وَمَا يدْريك قَالَ ذاكرته فَأخذت عَلَيْهِ الْأَبْوَاب
وَقيل لأبي زرْعَة من رَأَيْت من الْمَشَايِخ الْمُحدثين أحفظ فَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل حزمت كتبه فِي الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ فبلغت اثْنَي عشر حملا وعزل مَا كَانَ على ظهر كتاب مِنْهَا حَدِيث فلَان وَفِي بَطنهَا حَدثنَا فلَان وكل ذَلِك كَانَ يحفظه أَحْمد عَن ظهر قلبه
قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ وَقد كَانَ أَحْمد يذكر الْجرْح وَالتَّعْدِيل من حفظه إِذا سُئِلَ عَنهُ كَمَا يقْرَأ الْفَاتِحَة وَمن نظر فِي كتاب الْعِلَل لأبي بكر الْخلال عرف ذَلِك وَلم يكن هَذَا لأحد من بَقِيَّة الْأَئِمَّة
وَكَذَلِكَ انْفِرَاده فِي علم النَّقْل بفتاوى الصَّحَابَة وقضاياهم وإجماعهم وَاخْتِلَافهمْ لَا تنَازع فِي ذَلِك
وَأما علم الْعَرَبيَّة فقد قَالَ أَحْمد كتب من الْعَرَبيَّة أَكثر مِمَّا كتب أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ
وَأما الْقيَاس فَلهُ من الاستنباط مَا يطول شَرحه قَالَ أَبُو الْقَاسِم ابْن الْجبلي