والإقبال فِي عصرنا على الْعلم قد صَار رَوْضَة كالهشيم تَذْرُوهُ الرِّيَاح وغضونه ذابلة وجداوله تشتاق إِلَى المَاء
فنسأله تَعَالَى أَن يرفع لَهُ منارا ويجدد شوقا لأَهله على الإقبال عَلَيْهِ بمنه وَكَرمه
لَا يخفاك أَيهَا الْفَاضِل أننا صدرنا كتَابنَا وزيناه بِمَا نَقَلْنَاهُ عَن إِمَام أهل السّنة والأثر أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل رَضِي الله عَنهُ من رسائله الَّتِي نقلت عَنهُ فِي أصُول الدّين مِمَّا فِيهِ كِفَايَة لمن كَانَ سلفيا وَعَن لنا الْآن أَن نختم كتَابنَا بِذكر شَيْء مِمَّا أَلفه عُلَمَاء مَذْهَب السّلف ليَكُون البدء مُوَافقا للختام رَجَاء مِنْهُ تَعَالَى أَنه كَمَا وفقنا للتوحيد وَجَعَلنَا من أَهله أَن تكون الخاتمة على توحيده الْخَالِص من الزيغ والإلحاد بمنه تَعَالَى وَكَرمه فَنَقُول إِن الْكتب الْمُؤَلّفَة فِي هَذَا الْعلم لَيست محصورة بمؤلفات أَصْحَاب الإِمَام أَحْمد بل جَمِيع عُلَمَاء الْقُرُون الثَّلَاثَة وعلماء الحَدِيث بأجمعهم على مُعْتَقد السّلف لَا يشذ مِنْهُم عَن ذَلِك إِلَّا من جعل الفلسفة طَرِيقه الَّتِي يعول عَلَيْهَا وأساسه الَّذِي يَبْنِي عَلَيْهِ غير ملتفت إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَة والتابعون وتابعوهم بِإِحْسَان فأعظم كتاب فِي هَذَا النَّوْع كتاب الله تَعَالَى الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل من بَين يَدَيْهِ وَلَا من خَلفه ثمَّ مَا ورد وَصَحَّ عَن نبيه الْمُصْطَفى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فهما الشِّفَاء من الدَّاء العضال وَالْهَدْي فِي بيداء الْحيرَة والضلال فَلَا يحْتَاج بعدهمَا إِلَى تأليف وَلَا إِلَى تنميق وترصيف تصنيف
وَلَكِن لما ترجمت كتب الْحُكَمَاء وَظَهَرت الْفرق وَتبع أَهلهَا مقالات أرسطو وأفلاطون وَسموا مَا بنوه على ذَلِك بِالْعلمِ الإلهي