الْعُمْدَة للمبتدئين ثمَّ ألف الْمقنع لمن ارْتقى عَن درجتهم وَلم يصل إِلَى دَرَجَة المتوسطين فَلذَلِك جعله عريا عَن الدَّلِيل وَالتَّعْلِيل غير أَنه يذكر الرِّوَايَات عَن الإِمَام ليجعل لقارئه مجالا إِلَى كد ذهنه ليتمرن على التَّصْحِيح ثمَّ صنف المتوسطين الْكَافِي وَذكر فِيهِ كثيرا من الْأَدِلَّة لتسمو نفس قارئه إِلَى دَرَجَة الِاجْتِهَاد فِي الْمَذْهَب حينما يرى الْأَدِلَّة وترتفع نَفسه إِلَى مناقشتها وَلم يَجْعَلهَا قَضِيَّة مسلمة ثمَّ ألف الْمُغنِي لمن ارْتقى دَرَجَة عَن المتوسطين وَهُنَاكَ يطلع قارئه على الرِّوَايَات وعَلى خلاف الْأَئِمَّة وعَلى كثير من أدلتهم وعَلى مَا لَهُم وَمَا عَلَيْهِم من الْأَخْذ وَالرَّدّ فَمن كَانَ فَقِيه النَّفس حِينَئِذٍ مرن نَفسه على السمو إِلَى الِاجْتِهَاد الْمُطلق إِن كَانَ أَهلا لذَلِك وتوفرت فِيهِ شُرُوطه وَإِلَّا بَقِي على أَخذه بالتقليد فَهَذِهِ هِيَ مَقَاصِد ذَلِك الإِمَام فِي مؤلفاته الْأَرْبَع وَذَلِكَ ظَاهر من مسالكه لمن تدبرها بل هِيَ مَقَاصِد أَئِمَّتنَا الْكِبَار كَأبي يعلى وَابْن عقيل وَابْن حَامِد وَغَيرهم قدس الله أَرْوَاحهم
وَاعْلَم أَن لِأَصْحَابِنَا ثَلَاثَة متون حازت اشتهارا أَيّمَا اشتهار أَولهَا مُخْتَصر الْخرقِيّ فَإِن شهرته عِنْد الْمُتَقَدِّمين سَارَتْ مشرقا ومغربا إِلَى أَن ألف الْمُوفق كِتَابه الْمقنع فاشتهر عِنْد عُلَمَاء الْمَذْهَب قَرِيبا من اشتهار الْخرقِيّ إِلَى عصر التسْعمائَة حَيْثُ ألف القَاضِي علاءالدين المرداوي التَّنْقِيح المشبع ثمَّ جَاءَ بعده تَقِيّ الدّين أَحْمد ابْن النجار الشهير بالفتوحي فَجمع الْمقنع مَعَ التَّنْقِيح فِي كتاب سَمَّاهُ مُنْتَهى الإرادات فِي جمع الْمقنع مَعَ التَّنْقِيح وزيادات فعكف النَّاس عَلَيْهِ وهجروا مَا سواهُ من كتب الْمُتَقَدِّمين كسلا مِنْهُم ونسيانا لمقاصد عُلَمَاء هَذَا الْمَذْهَب الَّتِي ذَكرنَاهَا آنِفا وَكَذَلِكَ الشَّيْخ مُوسَى الحجاوي ألف كِتَابه الْإِقْنَاع وحذا بِهِ