أهل الحَدِيث ليحصل التفقه بمدلولها والتمييز بَين صحيحها ومعلولها فيعتمد النَّاظر على معروفها ويعرض عَن مجهولها وَالْحَاصِل أَنه يذكر الْمَسْأَلَة من الْخرقِيّ وَيبين غَالِبا رِوَايَات الإِمَام بهَا ويتصل الْبَيَان بِذكر الْأَئِمَّة من أَصْحَاب الْمذَاهب الْأَرْبَع وَغَيرهم من مجتهدي الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ تابعيهم وَمَا لَهُم من الدَّلِيل وَالتَّعْلِيل ثمَّ يرجع قولا من أُولَئِكَ الْأَقْوَال على طَريقَة فن الْخلاف والجدل ويتوسع فِي فروع الْمَسْأَلَة فَأصْبح كِتَابه مُفِيدا للْعُلَمَاء كَافَّة على اخْتِلَاف مذاهبهم وأضحى المطلع عَلَيْهِ ذَا معرفَة بِالْإِجْمَاع والوفاق وَالْخلاف والمذاهب المتروكة بِحَيْثُ تتضح لَهُ مسالك الِاجْتِهَاد فيرتفع من حضيض التَّقْلِيد إِلَى ذرْوَة الْحق الْمُبين ويمرح فِي روض التَّحْقِيق
قَالَ ابْن مُفْلِح فِي الْمَقْصد الأرشد اشْتغل الْمُوفق بتأليف الْمُغنِي أحد كتب الْإِسْلَام فَبلغ الأمل فِي إنهائه وَهُوَ كتاب بليغ فِي الْمَذْهَب تَعب فِيهِ وأجاد فِيهِ وجمل بِهِ الْمَذْهَب وقرأه عَلَيْهِ جمَاعَة وَأثْنى ابْن غنيمَة على مُؤَلفه فَقَالَ مَا أعرف أحدا فِي زَمَاننَا أدْرك دَرَجَة الِاجْتِهَاد إِلَّا الْمُوفق وَقَالَ الشَّيْخ عزالدين ابْن عبد السَّلَام مَا رَأَيْت فِي كتب الْإِسْلَام مثل الْمحلى والمجلى لِابْنِ حزم وَكتاب الْمُغنِي للشَّيْخ موفق الدّين فِي جودتهما وَتَحْقِيق مَا فيهمَا وَنقل عَنهُ أَنه قَالَ لم تطب نَفسِي بالإفتاء حَتَّى صَارَت عِنْدِي نُسْخَة الْمُغنِي نقل ذَلِك ابْن مُفْلِح