وَمن شُرُوط الْمُجْتَهد أَن يعرف من الْإِجْمَاع مَا تقدم فِي بَابه من هَذَا الْكتاب وَغَيره مثل أَن يعلم أَن الْإِجْمَاع حجَّة وَأَن الْمُعْتَبر فِيهِ اتِّفَاق الْمُجْتَهدين وَأَنه لَا يخْتَص بِاتِّفَاق بلد دون بلد وَنَحْو ذَلِك ويكفيه أَن يعلم أَن هَذِه الْمَسْأَلَة مِمَّا أجمع عَلَيْهِ أَو مِمَّا اخْتلف فِيهِ هَذَا إِذا كَانَ قَائِلا بِالْإِجْمَاع وَيجب عَلَيْهِ أَن يتثبت فِي هَذَا النَّوْع لِأَنَّهُ كم من مَسْأَلَة يرى القَوْل بِالْإِجْمَاع فِيهَا وَيكون مُرَاد الْقَائِل إِجْمَاع أهل مذْهبه أَو إِجْمَاع الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة أَو إِجْمَاع أهل الْمَدِينَة فليتنبه لذَلِك وَأَن يعرف من النَّحْو واللغة مَا يَكْفِيهِ فِي معرفَة مَا يتَعَلَّق بِالْكتاب وَالسّنة من نَص ظَاهر ومجمل وَحَقِيقَة ومجاز وعام وخاص وَمُطلق ومقيد وَدَلِيل خطاب وَنَحْوه
وَلَا يشْتَرط فِي حَقه أَن يعرف تفاريع الْفِقْه الَّتِي يعْنى بتحقيقها الْفُقَهَاء لِأَن ذَلِك من فروع الِاجْتِهَاد الَّتِي وَلَدهَا المجتهدون بعد حِيَازَة منصبه فَلَو اشْترطت مَعْرفَتهَا فِي الِاجْتِهَاد لزم الدّور لتوقف الأَصْل الَّذِي هُوَ الِاجْتِهَاد على الْفَرْع الَّذِي هُوَ تفاريع الْفِقْه وَكَذَلِكَ لَا يشْتَرط معرفَة دقائق الْعَرَبيَّة والتصريف حَتَّى يكون كسيبويه والأخفش والمازني والمبرد والفارسي وَابْن جني وَنَحْوهم لِأَن الْمُحْتَاج إِلَيْهِ مِنْهَا فِي الْفِقْه دون ذَلِك وَيشْتَرط للمجتهد أَن يعرف تَقْرِير الْأَدِلَّة وَمَا يتقوم ويتحقق بِهِ كَيْفيَّة نصب الدَّلِيل وَوجه دلَالَته على الْمَطْلُوب وَلَا بَأْس أَن يكون عَالما بِشَيْء من فن الْمنطق لَا أَن يكون متوغلا فِيهِ لِأَنَّهُ يعين على تَرْتِيب الْأَدِلَّة وَيحْتَاج إِلَيْهِ فِي الْقيَاس احتياجا كثيرا