أَولهَا الاستفسار وَهُوَ طَلِيعَة للقوادح كطليعة الْجَيْش لِأَنَّهُ الْمُقدم على كل اعْتِرَاض وَحَقِيقَته طلب معنى لفظ الْمُسْتَدلّ لإجماله أَو غرابته لِأَنَّهُ لَا يسمع إِذا كَانَ فِي ذَلِك اللَّفْظ إِجْمَال أَو غرابة وَإِلَّا فَهُوَ تعنت مفوت لفائدة المناظرة إِذْ يَأْتِي فِي كل لفظ يُفَسر بِهِ لفظ ويتسلسل وعَلى الْمُعْتَرض بَيَان إجماله
مِثَاله أَن يَقُول الْمُسْتَدلّ الْمُطلقَة تَعْتَد بالإقراء فَيُقَال لَهُ الْأَقْرَاء لفظ مُجمل يحْتَمل الْحيض وَالطُّهْر فَأَي الْمَعْنيين تَعْنِي فَإِذا قَالَ أَعنِي الْحيض أَو أَعنِي الطُّهْر أُجِيب حِينَئِذٍ بِحَسب ذَلِك من تَسْلِيم أَو منع أَو بَيَان غرابته
أما من حَيْثُ الْوَضع فمثاله فِي الْكَلْب الْمعلم يَأْكُل من صَيْده أَن يُقَال أيل لم يرض فَلَا تحل فريسته كالسيد أَي الذِّئْب فَيُقَال مَا الأيل مَا معنى لم يرض وَمَا الفريسة وَمَا السَّيِّد وَأما من حَيْثُ الِاصْطِلَاح كَأَن يذكر فِي القياسات الْفِقْهِيَّة لفظ الدّور أَو التسلسل أَو الهيولي أَو الْمَادَّة أَو المبدأ أَو الْغَايَة نَحْو أَن يُقَال فِي شُهُود الْقَتْل إِذا رجعُوا عَن الشَّهَادَة لَا يجب الْقصاص لِأَن وُجُوبه تجرد مبداه من غَايَة مَقْصُوده فَوَجَبَ أَن لَا يثبت وَمَا أشبه ذَلِك من اصْطِلَاح الْمُتَكَلِّمين وَإِنَّمَا يكون ذَلِك مَا لم يعرف من حَال خَصمه أَنه يعرف ذَلِك