هُوَ الْمُعَلل لَا الْمَحْكُوم بِهِ خلافًا لأبي عَليّ الطَّبَرِيّ الشَّافِعِي وَالْعلَّة فرع للْأَصْل أصل للفرع أما كَونهَا فرعا للْأَصْل فَلِأَنَّهَا مستنبطة من حكمه فَإِن الشَّارِع لما حرم الْخمر استنبطنا مِنْهُ أَن عِلّة تَحْرِيمهَا الْإِسْكَار الْمُفْسد للعقول إِذْ لَا مُنَاسِب للتَّحْرِيم فِيهَا سواهُ وَأما كَونهَا أصلا للفرع فَلِأَنَّهَا إِذا تحققت فِيهِ ترَتّب عَلَيْهَا إِثْبَات حكم الأَصْل كالإسكار لما تحقق فِي النَّبِيذ ترَتّب عَلَيْهِ التَّحْرِيم فالعلة مستخرجة من حكم الأَصْل والمستخرج فرع على الْمُسْتَخْرج مِنْهُ
ثمَّ إِن الِاجْتِهَاد فِي الْعلَّة إِمَّا بِبَيَان مُقْتَضى الْقَاعِدَة الْكُلية الْمُتَّفق عَلَيْهَا فِي الْفَرْع أَو بِبَيَان وجود الْعلَّة فِيهِ
مِثَال النَّوْع الأول أَن يُقَال فِي حمَار الْوَحْش إِذا قَتله الْمحرم مثله وَفِي الضبع أَيْضا يَقْتُلهَا الْمحرم مثلهَا لقَوْله تَعَالَى {وَمن قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} الْمَائِدَة 95 وَالْبَقَرَة مثل حمَار الْوَحْش
والكبش مثل الضبع فَيجب أَن يكون هُوَ الْجَزَاء فوجوب الْمثل مُتَّفق عَلَيْهِ ثَابت بِالنَّصِّ الْمَذْكُور
وَمِثَال النَّوْع الثَّانِي أَن يُقَال الطّواف عِلّة لطهارة الْهِرَّة بِنَاء على قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّهَا لَيست بِنَجس إِنَّهَا من الطوافين عَلَيْكُم والطوافات وَالطّواف مَوْجُود فِي الْفَأْرَة وَنَحْوهَا من صغَار الحشرات وَلَكِن هَذَا النَّوْع الثَّانِي دون الَّذِي قبله وهما متغايران لِأَن الأول لَيْسَ بِقِيَاس وَالثَّانِي قِيَاس وَكِلَاهُمَا يُسمى تَحْقِيق المناط