يكن ضَرُورِيًّا قَاطعا وَنسبَة الأول إِلَى هَذَا كنسبة الزِّينَة من الطِّبّ إِلَى بَاقِي كتبه على مَا عرف فِيهِ وَلَا يجوز للمجتهد التَّمَسُّك بِمُجَرَّد هذَيْن الْقسمَيْنِ الْمَذْكُورين وهما التحسيني والحاجي بل لَا بُد لَهُ من شَاهد من جِنْسهَا يشْهد لَهُ بِاعْتِبَار أحكامهما لِئَلَّا يكون ذَلِك وضعا للشَّرْع بِالرَّأْيِ وَلِأَن اعتبارهما بِدُونِ شَاهد يُؤَدِّي إِلَى الِاسْتِغْنَاء عَن بعث الرُّسُل ويجر النَّاس إِلَى دين البراهمة الْقَائِلين لَا حَاجَة لنا إِلَى الرُّسُل لِأَن الْعقل كَاف لنا فِي التَّأْدِيب وَمَعْرِفَة الْأَحْكَام إِذا مَا حسنه الْعقل أتيناه وَمَا قبحه اجتنبناه وَمَا لم يقْض فِيهِ بِحسن وَلَا قبح فعلنَا مِنْهُ الضَّرُورِيّ وَتَركنَا الْبَاقِي احْتِيَاطًا والتمسك بِهَذَيْنِ الْقسمَيْنِ من الْمصَالح من غير شَاهد لَهما بِالِاعْتِبَارِ يُؤَدِّي إِلَى مثل ذَلِك وَنَحْوه فَيكون بَاطِلا
الْقسم الثَّالِث مَا كَانَ من ضَرُورِيَّة سياسة الْعلم وبقائه وانتظام أَحْوَاله وَهُوَ مَا عرف الْتِفَات الشَّرْع إِلَيْهِ والعناية بِهِ كالضروريات الْخمس وَهُوَ حفظ الدّين بقتل الْمُرْتَد والداعية إِلَى الرِّدَّة وعقوبة المبتدع الدَّاعِي إِلَى الْبِدْعَة وَحفظ الْعقل بِحَدّ السكر وَحفظ النَّفس بِالْقصاصِ وَحفظ النّسَب بِحَدّ الزِّنَا المفضي إِلَى تضضييع الْأَنْسَاب باختلاط الْمِيَاه وَحفظ الْعرض بِحَدّ الْقَذْف وَحفظ المَال بِقطع يَد السَّارِق هَذَا وَاخْتلف فِي حجية الْمصَالح الْمُرْسلَة فَذهب أَصْحَابنَا إِلَى اعْتِبَارهَا على مَا أسلفناه وَقَالَ مَالك باعتبارها وَعرفهَا ابْن الْحَاجِب الْمَالِكِي وَغَيره بِأَنَّهَا مصَالح لَا يشْهد لَهَا أصل بِالِاعْتِبَارِ فِي الشَّرْع وَإِن كَانَت على سنَن الْمصَالح وتلقتها الْعُقُول بِالْقبُولِ وَالْحق مَا سلكه أَصْحَابنَا
تَنْبِيه فرق الْقَائِلُونَ بالمصالح الْمُرْسلَة بَينهَا وَبَين الْقيَاس بِأَن