وَأما معنى الْمُحكم فأجود مَا قيل فِيهِ أَنه المتضح الْمَعْنى كالنصوص والظواهر لِأَنَّهُ من الْبَيَان فِي غَايَة الْأَحْكَام والإتقان والمتشابه مُقَابل لَهُ وَهُوَ غير متضح الْمَعْنى فتشتبه بعض محتملاته بِبَعْض وَذَلِكَ التشابه وَعدم الاتضاح إِمَّا الِاشْتِرَاك كلفظي الْعين والقرؤ أَو لإجمال وَهُوَ إِطْلَاق اللَّفْظ بِدُونِ المُرَاد مِنْهُ نَحْو قَوْله تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} الْأَنْعَام 141 فَلم يبين مِقْدَار الْحق أَو لظُهُور تَشْبِيه فِي صِفَات الله تَعَالَى كآيات الصِّفَات وأخبارها فَإِن المُرَاد مِنْهَا اشْتبهَ على النَّاس فَقَالَ قوم بظاهرها فجسموا وشبهوا وفر قوم من التَّشْبِيه فتأولوا وحرفوا فغلطوا وتوسط قوم فَسَلمُوا وأمروه كَمَا جَاءَ مَعَ اعْتِقَاد التَّنْزِيه فَسَلمُوا وهم أهل السّنة وَجعل كثير من الْعلمَاء من الْمُتَشَابه الْحُرُوف الَّتِي فِي فواتح السُّور فَإِنَّهُ لَا شكّ أَن لَهَا معنى لم تبلغ أفهامنا إِلَى مَعْرفَته فَهِيَ مِمَّا اسْتَأْثر الله بِعِلْمِهِ وَلم يصب من تمحل لتفسيرها فَإِن ذَلِك من النقول على الله بِمَا لم يقل وَمن تَفْسِير كَلَام الله بمحض الرَّأْي
وَحكم الْمُحكم هُوَ وجوب الْعَمَل بِهِ وَالْحق أَن حكم الْمُتَشَابه هُوَ عدم جَوَاز الْعَمَل بِهِ لقَوْله تَعَالَى {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} آل عمرَان 7 وَهنا الْوَقْف وَاجِب نقلا وعقلا وَالله الْهَادِي