ثَالِثهَا الشَّرْط وَهُوَ فِي اللُّغَة الْعَلامَة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} مُحَمَّد 18 أَي علاماتها وَفِي الشَّرْع مَا يلْزم من عَدمه الْعَدَم وَلَا يلْزم من وجوده وجود وَلَا عدم لذاته وَذَلِكَ كالإحصان الَّذِي هُوَ شَرط وجوب رجم الزَّانِي فَإِن وجوب الرَّجْم يَنْتَفِي بِانْتِفَاء الْإِحْصَان فَلَا يرْجم إِلَّا مُحصن وكالحول الَّذِي هُوَ شَرط وجوب الزَّكَاة يَنْتَفِي وُجُوبهَا لانتفائه فَلَا تجب إِلَّا بعد تَمام الْحول

ثمَّ إِن الشَّرْط إِن أخل عَدمه بحكمة السَّبَب فَهُوَ شَرط السَّبَب وَذَلِكَ كالقدرة على تَسْلِيم الْمَبِيع فَإِن تِلْكَ الْقُدْرَة شَرط لصِحَّة البيع الَّذِي هُوَ سَبَب ثُبُوت الْملك الْمُشْتَمل على مصلحَة وَهُوَ حَاجَة الابتياع لعِلَّة الِانْتِفَاع بِالْمَبِيعِ وَهِي متوقفة على الْقُدْرَة على التَّسْلِيم فَكَانَ عَدمه مخلا بحكمة الْمصلحَة الَّتِي شرع لَهَا البيع وَإِن استلزم عدم الشَّرْط حِكْمَة تَقْتَضِي نقيض الحكم فَهُوَ شَرط الحكم كالطهارة للصَّلَاة فَإِن عدم الطَّهَارَة حَال الْقُدْرَة عَلَيْهَا مَعَ الْإِتْيَان بِالصَّلَاةِ يَقْتَضِي نقيض حِكْمَة الصَّلَاة وَهُوَ الْعقَاب فَإِنَّهُ نقيض وُصُول الثَّوَاب

وَاعْلَم أَن الشَّرْط منحصر فِي أَرْبَعَة أَنْوَاع الأول عَقْلِي كالحياة للْعلم فَإِنَّهُ إِذا انْتَفَت الْحَيَاة انْتَفَى الْعلم وَلَا يلْزم من وجودهَا وجوده

الثَّانِي شَرْعِي كالطهارة للصَّلَاة

الثَّالِث لغَوِيّ كعبدي حر إِن قُمْت

وَهَذَا النَّوْع كالسبب فَإِنَّهُ يلْزم من وجود الْقيام وجود الْعتْق وَمن عدم الْقيام عدم الْعتْق الْمُعَلق عَلَيْهِ

الرَّابِع عادي كالغذاء للحيوان إِذْ الْعَادة الْغَالِبَة أَنه يلْزم من انْتِفَاء الْغذَاء انْتِفَاء الْحَيَاة من وجوده وجودهَا إِذْ لَا يتغذى إِلَّا الْحَيّ فعلى هَذَا يكون الشَّرْط العادي مطردا منعكسا كالشرط اللّغَوِيّ ويكونان من قبيل الْأَسْبَاب لَا من قبيل الشُّرُوط وَمَا جعل قيدا لشَيْء فِي معنى كالشرط فِي العقد فَالْأَصَحّ أَنه كالشرط الشَّرْعِيّ وَقيل كاللغوي واللغوي أغلب اسْتِعْمَاله فِي السَّبَبِيَّة الْعَقْلِيَّة كَقَوْلِك إِذا طلعت الشَّمْس فالعالم مضيء وَفِي الشَّرْعِيَّة كَقَوْلِه تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} الْمَائِدَة 6 وَاسْتعْمل اللّغَوِيّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015