اعْلَم أَن الْمركب من لَا يُمكن مَعْرفَته إِلَّا بعد معرفَة مفرداته وَلما كَانَ أصُول الْفِقْه مركب من كَلِمَتَيْنِ مُضَاف إِلَيْهِ كَانَ لأصول الْفِقْه تعريفان لِأَنَّهُ إِن نظر إِلَيْهِ من حَيْثُ اعْتِبَار مَجْمُوع لَفظه الَّذِي تركب مِنْهُ سمي فِي الِاصْطِلَاح إجماليا لقبيا وَكَانَ تَعْرِيفه الْعلم بالقواعد الَّذِي يتَوَصَّل بهَا إِلَى استنباط الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة الفرعية من أدلتها التفصيلية وَإِن نظر إِلَيْهِ بِاعْتِبَار كل وَاحِد من مفرداته الْأُصُول كَانَ تَعْرِيفه بِأَنَّهُ الْأَدِلَّة لِأَن الْمَادَّة الَّتِي تركب مِنْهَا لفظ أصُول الْفِقْه هِيَ الْأُصُول وَالْفِقْه فِيهَا مُفْرد ذَلِك الْمركب فَيحْتَاج فِي تَعْرِيفه التفصيلي إِلَى تَعْرِيف كل وَاحِد مِنْهَا على حِدته
فالأصول الْأَدِلَّة الْآتِي ذكرهَا يَعْنِي الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَالْقِيَاس وَمَا فِي خلال ذَلِك من الْقَوَاعِد
وَالْأُصُول جمع أصل وأصل الشَّيْء مَا يسْتَند تحقق ذَلِك الشَّيْء إِلَيْهِ تَأْثِيرا وَإِنَّمَا زِدْنَا تَأْثِيرا احْتِرَازًا من استناد الْمُمكن إِلَى الْمُؤثر مَعَ أَنه لَيْسَ أصلا لَهُ وَلَا شكّ أَن الْفِقْه مُسْتَند فِي تحقق وجوده إِلَى الْأَدِلَّة فَهُوَ كالغصن من الشَّجَرَة وَالْفِقْه فِي اللُّغَة الْفَهم وَاصْطِلَاحا قيل الْعلم بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّة الفرعية عَن أدلتها التفصيلية بالاستدلال وَقيل ظن جملَة من الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة الفرعية باستنباطها من أَدِلَّة تفصيلية وعَلى كل من التعريفين مؤاخذات وَلَكِن القَوْل الثَّانِي أخف إشْكَالًا