وفي الاصطلاح الشرعيْ يراد بالسُّنَّة، ما صدر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير قرآن من قول، أو فعل، أو تقرير.
والسُّنَّة النبوية هي التطيق المعصوم لكلمة اللَّه المطلقة عن الزمان والمكان.
* * *
الأحكام التي جاءت بها السُّنَّة النبوية أنواع:
النوع الأول: أحكام موافقة لأحكام القرآن ومؤكدة لها، مثل حديث:
" لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه "، فإنه موافق لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ... ) .
النوع الثاني: أحكام مبينة، ومُفَصِّلَة لمجمَل القرآن، ومن ذلك: السُّنَّة التي بينت مقادير الزكاة، ومقدار المال المسروق الذي تقطع فيه يد السارق، وغير ذلك.
النوع الثالث: أحكام مقيِّدة لمطلَق القرآن، أو مخضصة لعامه، فمن الأحكام ما يرد في القرآن مطلقًا، فتقيده السُّنَّة، أو يأتي عامًّا فتخصصه السُّنَّة.
فمن الأول: قطع يد السارق جاءت مطلَقة، فقيدتها السُّنَّة بالرسغ، أي: تقطع اليد من الرسغ.
ومن الثاني: ما وَرَدَ عامًّا - مثل تحريم الميتة، قال تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ... ) .
ولكن استثنى منها ميتة البحر بقوله - صلى الله عليه وسلم - عن البحر:
" هو الطهور ماؤه الحل ميتته "،
أي: أن السُّنَّة خصصت الميتة بغير ميتة البحر.
النوع الرابع: أحكام جديدة لم يذكرها القرآن؛ لأن السّنَّة مستقلة بتشريع
الأحكام، وأنها كالقرآن في ذلك، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه "
أي: أوتيت القرآن، وأوتيت مثله - أي السنة - في وجوب اتباع
أحكامها، رمن هذا النوع: تحريم الحمر الأهلية، وتحريم أكل كل ذي ناب من السباع، ومخلب من الطير، وكالحكم بشاهد ويمين، ووجوب الدية على العاقل، وميراث الجدة، ونحو ذلك.