الفصل السابع
مصادر الشريعة الإسلامية
وردت الشريعة في اللغة بمعنيين: الأول: أنها الطريقة المستقيمة، ومن هذا المعنى قوله تعالى: (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18) .
والثاني: مورد الماء الجاري الذي يقصد للشرب، ومنه قولهم: " شرعت الإبل إذا وردت شريعة الماء"، ثم أطلق لفظ الشريعة في اصطلاح الفقهاء المسلمين على الأحكام التي شرعها اللَّه لعباده، وسُمِّيت هذه الأحكام شريعة، لأنها مستقيمة مُحْكَمَة الوضع، لا ينحرف نظامها عن الجادّة.
والتشريع في اللغة: مصدر (شَرَّع) بتشديد الراء، مأخوذ من الشريعة.
والتشريع في الاصطلاح: هو وضع القواعد وبيان النظم التي تسير عليها الأفراد والجماعات.
والشريعة الإسلامية تشريع سماوي، أي أنها من عند اللَّه سبحانه وتعالى.
والفرق بينها وبين غيرها من التشريعات الوضعية التي وضعها البشر:
أولًا: أنها دين يُتَعَبَّد به، وامتثال أوامره طاعة يُثاب لأجلها، وانتهاك نواهيه معصية يعاقب عليها، وجزاء هذه المخالفة قد تتقرر له عقوبات دنيوية، إلا أنه في الثواب والعقاب مرتبط بالآخرة في حين أن التشريع الوضعي لا يتعلق بما في القلوب.
ثانيًا: أن الشريعة الإسلامية تقصد إلى أن ترقى با لإنسان، وتجعله طاهر القلب عالي النفس.
أما التشريع الوضعي: فهو يقصد ضبط المجتمع فقط، دون تدخل لترقية أخلاق الإنسان.
ثالثًا: أن التشريع الإسلامي يأمر وينهى، يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر.
في حين أن الوضعي، إنما يقصد إلى النهي فقط، ولا يقصد إلى عمل الخير إلا بصورة تبعية.
رابعًا: أن التشريع الإسلامي يُحاسب على الأعمال الظاهرة والباطنة معا، في حين أن التشريع الوضعي لا يُحاسب إلا الظاهر فقط.