وأَما الخصلة الثامنة، وهي قوله: " إِمام في السنة " (?) فلا يختلف العلماء الأوائل والأَواخر أَنه في السنة: الإمام الفاخر والبحر الزاخر أوذي في الله عز وجل فصبر، ولكتابه نصر ولسنة رسول الله صلى عليه وسلم انتصر، أَفصح الله فيها لسانه، وأَوضح بيانه، وأَرجح ميزانه، لا رَهَب ما حُذِّر ولا جَبُن حين أُنذر أَبان حقاً، وقال صدقاً، وزان نطقاً وسبقاً، ظهر على العلماء، وقهر العظماء، ففي الصادقين ما أَوجهه، وبالسابقين ما أَشبهه، وعن الدنيا وأَسبابها ما كان أَنزهه، جزاه الله خيرًا عن الإسلام والمسلمين فهو للسنة كما قال الله في كتابه المبين: (وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) [الصف: 13] .
قال علي بن المديني: أيَّد الله هذا الدين برجلين لا ثالث لهما:
أبو بكر الصديق يوم الردِّة وأحمد بن حنبل في يو المحنة.
وقيل لبشر بن الحارث، يوم ضُرِب أَحمد: قد وجب عليك أَن تتكلم فقال: تريدون مني مقام الأَنبياء؟ ليس هذا عندي، حفظ الله أحمد بن حنبل من بين يديه ومن خلفه. ثم قال، بعد ما ضرب أَحمد: لقد أدخل الكير فخرج ذهبة حمراء.
وقال الربيع بن سليمان: قال الشافعي: من أَبغض أَحمد بن حنبل فهو كافر.