أمام هذه الثروة الفقهية، حصلت حركة تدوينية، قام بها عدد من الأَصحاب - كالشأن في أتباع كل مذهب متبوع - بعمل مداخل فقهية لكل مذهب، تَضْبِطُهُ أصلاً، وفرعاً، وَتَرْسمُ طريقهُ، روايةً وتخريجاً، وتُعرِّف بكتبه، ومراتبها، وعلمائه، ومراتبهم، وطبقاتهم فيه، اجتهادا، وتقليداً ... إلى آخر ما هنالك من معارف، ومعالم، تَعْنِي المتفقه، وَتَرْسِمُ طريقه فيه؛ حتى يعرف المذهب المعتمد على التحقيق، ومسالك الترجيح فيه، وتخطو به خطوات سريعة إلى الدُّربة على التفقّه في السنة والتنزيل، والنقلة إلى فقه الدَّليل. ويكون في مأمن من الاخْتلال والغلط، وجُنوح الفكر واضطراب الفكر وموقف الحائر العاثر المجازف بِالْعَزْو وحكاية المذاهب.

فلا يقول قَائِلٌ هذا المذهب، وعليه الأَصحاب، أَو هذا الراجح فيه رواية، أَو تخريجاً، إلا عن علم وبصيرة، وإدارة لفروعه على أصوله، وأَحكامه على محكماته، قد قَبَضَ على زِمَامِ الأصول، واستعد للجلوس على مِنَصَّة التَّقرِيرِ للفروع.

وكان أَول من عرفته أَفرد كتاباً في تفسير مصطلحات الإمام أَحمد في أَجوبته، هو شيخ المذهب في زمانه، ومحققه، وخاتمة طبقته الأولى (طبقه المتقدمين) الحسن بن حامد ت سنة (403 هـ) - رحمه الله تعالى- في كتابه الفَذِّ: " تهذيب الأَجوبة " وعندي أنه يُشبِهُ إلى حد بَعيْدِ كتاب: " الرسالة " للإمام الشافعي المطلبي- رحمه الله تعالى- في التأصيل، والتقعيد، وحُلو العبارة، ودقة الإشارة وتحليلاته اللغوية، فلله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015