فِتْيَةٌ لَمْ تَلِدْ سِوَاها المَعَالِي ... والمعالي قليلة الأَوْلاَد
وخَلفوا - أحسن الله إِليهم - هذه الثروة العظيمة: ألوف المؤلفات، فيها آلاف مؤلفة مِن المسائل، والنوازل، والأقضيات، في أصول الشريعة، وأَحكامها الفقهية الاجتهادية، العائدة إِلى حفظ الدِّين، والنفس، والعقل، والعِرض، والمال، حتى إِن الناظر في مآثرهم، وسِيَرِهم، وآثارهم؛ ليعجب مما آتاهم الله، من علم، وعمل، وبصيرة، وفَهْم، بما يَقْطع معه بعدم وجود نظير لهم على مَسْرح العَالَم؛ ولذا طار لهم دَوِيٌّ في أَكناف البسيطة، وَعَكَفَ الهُداة على دراسة شخصياتهم وفقههم، وحسن أَثرهم على الناس، وكانوا شرفا لأَمة محمد صلى الله عليه وسلم تباهي بهم الأمم. وكانت هذه المنحة الإسلامية لهم، من أَسباب سعة هذا الدِّين، وانتشاره، وقبوله، واستقباله ما يرد عليه من قضايا، ومستجدات.
وما أَجْمَلَ ما قاله ابن قتيبة، المتوفى سنة (276 هـ) - رحمه الله تعالى - في وصف حالة صدر هذه الأمة، وسلفها، في طلب العلم، إِذ قال (?) : " كان طالب العلم فيما مضى، يَسمع لِيعلم، ويَعلم لِيعمل، ويَتفقه في دين الله لينتفع وينفع وقد صار الآن: يَسمع ليجمع، ويجمع؛ لِيُذكر، ويحفظ؛ لِيغلِب ويفخر " انتهى
وكان من هؤلاء الأئمة الهُداة، والأثبات الثقات، الذين تبوَّؤا مكان