التمهيد الثالث: مراتب الناس فيها

يُلاحظ في هذا المدخل أَنَّ معرفة ما يُعد طريقاً لمعرفة مذهب المجتهد، وما لايُعد، تطرق إليها بعض التغالي والِإفراط، من جهة مَنْحِ بعض الأتباع للأئمة المتبوعين ما بلغ حد التجاوز، بإعطاء غير المعصوم، خصائص النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم حتى جعلوا قول الإمام، وفعله، وتقريره، وإقراره، وسكوته، كتصرفات النبي صلى الله عليه وسلم. وقد أَفضى هذا الِإفراط: إلى الدعوة إلى سَدِّ باب الاجتهاد.

ومن هنا دخل الداخل في تحميل مذاهب الأَئمة ما لا تحتمله، وتطرق إليها من جهة التفريط: دعوة بعضهم نبذ فقههم بالكلية، و" الأخذ ابتداء من حيث أَخذ القوم " و " هم رجال ونحن رجال " وهي عبارات حق، وكلمات صدق؛ إذا صدرت من عالم فقيه متأهل، توفرت فيه شرائط الاجتهاد، وتحلى بالورع، والزهادة، والبعد عن مخاتلة الدنيا بالدين، والتعلق بأذيال المفسدين. لكن تسمع لها في عصرنا ضجيجا من المتعالمين، وصغار الطلبة الناشئين، ومَنْ شَابَ في الطلب، لكنه ما زال حلس الجهل المطبق، فَنَقَلتْهُم هذه الدعوى- وليسوا من أهلها- إلى ضمور واضمحلال في الفقه، ودعتهم " طفرة الأخذ بالدليل " وهم غير متأهلين، إلى أن شاطوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015