فصل:
الأَصل الثاني من أصول فتاوى الإمام أَحمد: ما أَفتى به الصحابة، فإنَّه إذا وجد لبعضهم فتوى لا يُعْرَف له مخالف منهم فيها لم يَعْدُها إلى غيره، ولم يقل: إِن ذلك إجماع، بل من وَرَعه في العبارة، يقول: لا أَعلم شيئاَ يَدْفَعه، أو نحو هذا، كما قال في رواية أَبي طالب: لا أَعلم شيئاً يدفع قول ابن عباس وابن عمر وأَحَدَ عشر من التابعين عطاء ومجاهد وأَهل المدينة على تَسَرِّي العبد، وهكذا قال أنس بن مالك. لا أَعلم أَحداً ردَّ شهادة العبد، حكاه عنه الإمام أَحمد، وإذا وجد الإمام هذا النوع عن الصحابة لم يقدم عليه عملاً ولا رأياً ولا قياساً.
فصل:
الأَصل الثالث من أصوله: إذا اختلف الصحابة تخير من أقوالهم ما كان أَقربَهَا إلى الكتاب والسنة، ولم يخرج عن أقوالهم، فإن لم يتبين له مُوَافقة أَحد الأقوال حكى الخلاف فيها ولم يجزم بقول.
قال إِسحاق بن إبراهيم بن هانئ في مسائله: قيل لأَبي عبد الله: يكون الرجلُ في قومه فيسأل عن الشيء فيه اختلاف، قال: يُفْتي بما وافَقَ الكتابَ والسنة، وما لم يوافق الكتاب والسنة أَمسك عنه، قيل له: أَفيجب عليه؟ قال: لا.