ما جعل له كبير الأَثر في تكوين ملكة فقهية، بعيدة النظر، محفوفة بالكتاب والسنة، وقفو الأَثر، فحدد أصول علمه، وجذور فقهه، وقواعد منهجه، في أصوله الواضحة، ومعالمه الضاحية: الكتاب، والسنة، وفتاوى الصحابة، والقياس.
- أَما التلقي: ففي شيوخه الذين فاقوا الحصر، ومنهم الإمام الشافعي، ولهذا صار له أَثر على مذهبه وفيما كتبه الثلاثة قبله، ودونه عنهم تلامذتهم، وفي رواية وفقه من عاصرهم إلى الأول.
- وأَما اللقاء: فإِن ظهور الإمام أَحمد في الرواية، ونَهَمهُ فيها وفي فقهها، جعل عنده ظاهرة الاستزادة من الرواية، والسماع، يظهر هذا في كثرة شيوخه، واتجهت اليه أَنظار الطلاب من الآفاق الذين يبلغون في درسه أَكثر من خمسمائة ما منهم إلَّا وهو صاحب محبرة، فضلا عن كثرة المستمعين، حتى كان يُقِيمُ في درسه المستملين، والسائلين المستفتين، مما جعل الرواية وفقهها يسيران في حلقات درسه على قدم التساوي، فصار له تفوق في: " الِإلقاء " والتلقي عنه، يشهد لهذا كثرة تلامذته، والآخذين عنه.
ومن هنا دون الأصحاب المسائل عنه، وتابعوه، وتتبعوا علمه، ووطئوا عقبه، واعتنوا بأقواله، وأَفعاله، غاية العناية، حتى فاق أَقرانه، ولم يدرك من بعده مكانه، في تدوين " المسائل عنه " في الفقه، والأصول، والاعتقاد، وسائر أبواب الدِّين، فصار طلابه بهذا أَعلاماً، في زمانهم، وبناة لعلم شيخهم، ومؤسس مدرستهم: " مدرسة فقه الدليل ".