مستقصيا لها استقصاء دقيقا، على نحو ما يتضح من ذكرنا له الدائم في هوامش هذا الكتاب. ومن حين لآخر تلقانا آراؤه النحوية، وهي في جمهورها اختيارات من آراء سابقيه، من ذلك أنه كان يختار -وفاقا لأبي حيان- أن الأسماء قبل تركيبها في العبارات لا مبنية ولا معربة؛ لعدم الموجب لكل منهما1. وجاء عن العرب "وجدني" في وجدنني مع نون الإناث، واختلف النحاة أي النونين المحذوفة: نون الوقاية أو نون الإناث، وقال سيبويه: نون الإناث واختار قوله ابن مالك، وقال المبرد وابن جني وأبو حيان: نون الوقاية؛ لأن الأول ضمير فاعل فلا تحذف، واختار السيوطي رأيهم2. وكان البصريون يمنعون تقديم الظرف والجار والمجرور المتعلقين بالصلة على الموصول، بينما كان الكوفيون -ومعهم السيوطي- يجيزون ذلك مطلقا3. وقد صوّب رأي أستاذه الكافيجي في إعراب "بحسبك درهم" إذ كان يرى أن "بحسبك" خبر مقدم و"درهم" مبتدأ مؤخر4. واختار رأي الكوفيين في أن المبتدأ والخبر مترافعان كل منهما يرفع صاحبه5. وفي باب كاد يقول: "زعم قوم أن نفي كاد إثبات للخبر وإثباتها نفي له، وشاع ذلك على الألسنة ... والتحقيق أنها كسائر الأفعال نفيها نفي وإثباتها إثبات, إلا أن معناها المقاربة لا وقوع الفعل, فنفيها نفي لمقاربة الفعل، ويلزم منه نفي الفعل ضرورة أن من لم يقارب الفعل لم يقع منه الفعل، وإثباتها إثبات لمقاربة الفعل ولا يلزم من مقاربته وقوعه، فقولك: كاد زيد يقوم معناه: قارب القيام ولم يقم, ومنه: {يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ} أي: يقارب الإضاءة6. وكان الجمهور يذهب في مثل: "لا أبا لك" إلى أن أبا مضافة إلى المجرور باللام الزائدة, وذهب الفارسي -وتبعه السيوطي- إلى أن أبا مفردة جاءت على لغة القصر والمجرور باللام هو الخبر، يقول: "وإنما اخترت رأي أبي علي لسلامته من التأويل والزيادة والحذف, وكلها خلاف الأصل"7. ويقول في باب النداء: إن ابن مالك ذهب