الماضي"1. ويتوقف بإزاء اختيار المصنف للضمير المتصل في مثل: "كنته وخلتنيه", مخالفا بذلك سيبويه الذي كان يختار كما قدمنا الضمير المنفصل, فيقال: "كنت إياه وخلتني إياه"، قائلا: "وافق الناظم "للألفية" أي: ابن مالك في التسهيل سيبويه على اختيار الانفصال في باب خلتنيه؛ لأنه خبر مبتدأ في الأصل, وقد حجزه عن الفعل منصوب آخر بخلاف هاء كنته, فإنها خبر مبتدأ في الأصل ولكنه شبيه بهاء "ضربته" في أنه لم يحجزه إلا ضمير مرفوع، والمرفوع كجزء من الفعل. أما ما اختاره الناظم هنا فهو مختار الرماني وابن الطراوة"2. وعلى هذا النحو لا يزال يقابل آراء ابن مالك في الألفية على آرائه في التسهيل وآراء النحاة المختلفين من بصريين وكوفيين وبغداديين وأندلسيين ومصريين، وكثيرا ما يفصح عن رأيه مبينا وجهة نظره.
وتظل الدراسات النحوية ناشطة في العصر العثماني، ويتكاثر الشراح وأصحاب الحواشي، ومن أشهرهم في القرن الحادي عشر الهجري الشنواني المتوفى سنة 1019 والدنوشري المتوفى سنة 1025 والشيخ يس صاحب حاشية التصريح على التوضيح المتوفى سنة 1061. ويلقانا في القرن الثاني عشر الهجري الحفني المتوفى سنة 1178 ومحمد الأمير وله حاشية على المغني مطبوعة فرغ من تأليفها -كما قال في خاتمتها- سنة 1188. ولعل أكثر أصحاب الحواشي والشروح في هذا العصر شهرةً الصبان3 محمد بن علي المتوفى سنة 1206 للهجرة، وله مصنفات مختلفة في المنطق والعروض والبلاغة، وأهم مصنفاته حاشية على شرح الأشموني، وقد طبعت مرارا، ونراه يقول في فاتحتها: إنه سيلخص فيها زبد ما كتبه على هذا الشرح أعلام النحو السابقون مع تنبيهه على كثير مما وقع لهم من أسقام الأفهام وأوهام الأذهان، ومع جلبه فرائد من بنات فكره، تقر بها عين الناظر. وربما كان أكثر من عارضهم في حاشيته أستاذه الحفني، وكانت له هو الآخر حاشية على الأشموني، ويكنى دائما عنه بكلمة "البعض"4. وهو يحمل مادة واسعة من خلافات النحاة يكمل