بنائها موافقتها لجير الحرفية، ونقض عليه الشمني كلامه قائلا: إن ما إنما بنيت لمشابهتها الحرف في الوضع بخلاف جير, وأن من يقولون باسميتها لا يثبتون جير الحرفية. وعرض ابن هشام في باب "ما" إلى أنها تكون مصدرية زمانية, وأنها تدل على الزمان بالنيابة لا بذاتها مثل: {مَا دُمْتُ حَيًّا} أصله في تقريره: مدة دوامي حيا، واعترضه الدماميني وقال: إن "ما" لا تدل على الزمان أصلا لا بطريق الأصالة, ولا بطريق النيابة, وإنما يفهم الزمان في مثل الآية بقرينة. وكان يذهب إلى أن الإضافة في "يومئذ" ليست من إضافة أحد المترادفين للآخر، وإنما هي من إضافة الأعم للأخص مثل "شجرعنب"1 ومن غريب ما كان يذهب إليه أن جملة الصلة لها محل من الإعراب2.

ومن نحاة النصف الثاني من القرن التاسع الهجري الكافيجي3 محمد بن سليمان الرومي المتوفى سنة 879 للهجرة، وُلد في بلاد الروم، ثم دخل الشام وبيت المقدس, واستقر في القاهرة ودرس في الشيخونية وغيرها، وكان لا يشق غباره في الفلسفة والمنطق والنحو، وأكثر تآليفه مختصرات وأجلها وأنفعها شرحه على قواعد الإعراب لابن هشام. ومما أحصى له السيوطي تلميذه من آراء أنه كان لا يسوِّغ الإخبار بجملة ندائية مثل: زيد يا أخاه, ولا مصدرة بلكن أو بل أو حتى4. وكان يرى أن {إِذًا} في قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ} ليست إذًا المعهودة وإنما هي إذًا الشرطية حذفت جملتها التي تضاف إليها وعوض عنها التنوين كما في "يومئذ"5. وكان يجوز خلافا لسيبويه العطف على معمولي عاملين مختلفين مطلقا مثل: "كان آكلا طعاما زيد وتمرا عمرو" ومثل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015