توقف ابن عقيل إزاء كثير من هذه الآراء, منحازا للبصريين وسيبويه، من ذلك ذهاب ابن مالك إلى أن الأسماء الخمسة مثل "أبوك" معربة بالحروف، بينما ذهب سيبويه إلى أنها معربة بحركات مقدرة على الواو والألف والياء، وبرأيه أخذ ابن عقيل ناعتا له بأنه هو الصحيح1. وكان ابن مالك يختار اتصال الضمير في مثل: كنته وخلتنيه، واختار سيبويه الانفصال، فتقول: كنت إياه وخلتني إياه، ويقول ابن عقيل: "مذهب سيبويه أرجح؛ لأنه هو الكثير في لسان العرب على ما حكاه سيبويه عنهم"2. ويعرض لآراء النحاة في رافع المبتدأ والخبر، ويختار رأي سيبويه وجمهور البصريين وما ذهبوا إليه من أن المبتدأ مرفوع بالابتداء وأن الخبر مرفوع بالمبتدأ، ويقول على هدي أستاذه أبي حيان: "وهذا الخلاف مما لا طائل فيه"3. ويذكر رأي ابن مالك في أن عائد الصلة في مثل: "جاء الذي كلمت أمس" بدل من كلمته, ومثل: "الذي أنا معطيك كتاب واحد" بدل من معطيكه، ولا يلبث أن يقول: "كلام المصنف يقتضي أنه كثير وليس كذلك, بل الكثير حذفه من الفعل، وأما الوصف فالحذف منه قليل"4. وعلى هذا النحو كثيرا ما يراجع ابن مالك. وكان كثيرا ما يقرن آراءه في الألفية بآرائه في التسهيل وغيره.

وممن نلقاه في القرن الثامن الهجري ابن الصائغ5 محمد بن عبد الرحمن المتوفى سنة 776 للهجرة، وقد ولي مدة قضاء العسكر وإفتاء دار العدل، ودرس للطلاب بالجامع الطولوني وغيره، وله في النحو مصنفات مختلفة، منها: التذكرة في عدة مجلدات وشرح على ألفية ابن مالك. ومما حكاه له السيوطي في الهمع من آراء, ذهابه إلى أنه يجوز خلو جملة الصلة من ضمير يعود على الموصول يربطها به إذا عُطف عليها بالفاء جملة مشتملة عليه مثل: "الذي يطير الذباب فيغصب زيد" لارتباطهما بالفاء وصيرورتهما جملة واحدة6. وكان يذهب في جملة "أبو من هو" في قولك: "عرفت زيدا أبو من هو" إلى أنها بدل اشتمال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015