إلى الله أشكو بالمدينة حاجة ... وبالشام أخرى كيف يلتقيانِ
فكيف يلتقيان بدل من حاجة وأخرى, كأنه قال: أشكو هاتين الحاجتين تعذر التقائهما1.
وللزمخشري بجانب اختياراته من المذاهب البغدادية والكوفية والبصرية آراء كثيرة ينفرد بها، من ذلك ذهابه إلى أن "إذ" قد تقع مبتدأ، وخرَّج على ذلك قراءة بعضهم آية آل عمران: "لَقَدْ مَنِّ الله على الْمؤمنِين إذ بعث فيهِم رَسولا" أي: وقت بعثه فيهم رسولا2، وأن أما في مثل: "أما زيد فذاهب" تعطي الكلام فضل تأكيد3، وأن واو العطف قد تفيد الإباحة في مثل: جالس محمدا وعليا4، وأن رافع الخبر هو الابتداء فقط، وكان ابن جني كما أسلفنا يرى أن رافعه الابتداء والمبتدأ5، وأنه قد يلي إلا نعت لما قبلها مفرد مثل: "ما مررت برجل إلا شجاعٍ" وجملة مثل: ما مررت بأحد إلا زيد خير منه6، وجعل الجملة بعد إلا في مثل قوله تعالى: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} صفة لقرية، وقال: إن الواو للصوق الصفة، وجعلها غيره واو الحال7. وفرق بين التعدية بالهمزة والتضعيف، فجعل التضعيف يفيد التكرار. فمثل نزّل تفيد تكرار النزول بخلاف أنزل8. وجوز أن يكون الفاعل جملة، وبذلك خرج آية السجدة: "أوَلم يَهْدِ لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون" فجعل جملة كم وما بعدها فاعل الفعل المجزوم "يهد", ورأى ابن هشام أن الفاعل مستتر راجع إلى الله سبحانه وتعالى9. وذهب إلى أن "لن" تفيد تأكيد النفي، بل تأبيده مثل: لن أجبن10. وكان سيبويه والجمهور يذهبون إلى أن همزة الاستفهام إذا جاءت في جملة معطوفة بالواو أو الفاء أو ثم تأخرت حروف العطف بعدها لما لها من الصدارة مثل: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا} , {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا} وذهب الزمخشري إلى أن