3- ابن جني 1:

هو أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي، كان أبوه مولى روميا، وربما كان اسمه جني تعريبا لكلمة gennaius اليونانية، وقد ولد له ابنه عثمان حوالي سنة 320 للهجرة، ويبدو أنه رأى فيه مخايل ذكاء فدفعه إلى التعلم، ولم يلبث أن منح عنايته لعلوم اللغة، فأكب على دروس أحمد بن محمد الموصلي النحوي مواطنه. وأغلب الظن أنه نزل بغداد مبكرا، ففي تصانيفه ترداد لذكر بعض تلاميذ المبرد مثل محمد بن سلمة وبعض تلاميذ ثعلب مثل ابن مقسم، غير أنه سرعان ما عاد إلى الموصل، وأخذ يدرس للطلاب في مسجدها، وهو في أثناء ذلك يتعرض للأعراب الفصحاء ويأخذ عنهم مثل أبي عبد الله الشجري الذي يتردد ذكره في الخصائص. وحدث أن مر بحلقته في سنة 337 للهجرة أبو علي الفارسي إمام النحاة في عصره، فأعجبه ذكاؤه، وتعجب من قعوده للدرس والإملاء قبل نضجه، فقال له: لقد أصبحت زبيبا وأنت حِصْرِم، وكأنما دلعت هذه الكلمة نارا في قلبه، ليستكمل أداته، ولم يجد خيرا من ملازمة هذا الإمام الفذ، فلزمه أربعين سنة متنقلا معه في رحلاته، مشغوفا بآرائه, مبهورا بفطنته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015