وواضح مما قدمنا أن عيسى ين عمر هو الذي مكَّن للنحو وقواعده التي اعتمدها تلميذه الخليل ومن تلاه من البصريين سواء في محاضراته وإملاءاته أو في مصنفاته. وقد توفي سنة 149 للهجرة, تاركا للخليل جهوده النحوية كي يتم صرح النحو, ويكمل تشييده.

أبو عمرو 1 بن العلاء:

اسمه كنيته، وفي بعض الروايات اسمه: زبان بن العلاء المازني التميمي، ولد سنة 70 للهجرة بمكة ونشأ وعاش بالبصرة حتى توفي بها سنة 154 للهجرة، وقد تتلمذ لابن أبي إسحاق على نحو ما تتلمذ عيسى بن عمر، غير أن عيسى قصر عنايته أو كاد على النحو، أما أبو عمرو فعني بإقراء الناس القرآن في المسجد الجامع بالبصرة، وهو أحد قرائه السبعة المشهورين، كما عني بلغات العرب وغريبها وأشعارها وأيامها ووقائعها، وفي ذلك يقول الجاحظ عنه: "كان أعلم الناس بالغريب والعربية وبالقرآن والشعر وبأيام العرب وأيام الناس". فهو إلى أن يكون من اللغويين والقراء أقرب منه إلى أن يكون من النحاة، غير أنه نُقلت عنه بعض أنظار نحوية، جعلتنا نسلكه بين أوائلهم، خاصة أن ابن جني يقول: كان ممن نظروا في النحو والتصريف وتدربوا وقاسوا2. ولكن لم يكن هذا هو الجانب الذي شغله، ولعل ذلك هو السبب في أن سيبويه لم يرو عنه ولا عن تلاميذه شيئا مهما له في النحو ومسائله، إنما روى عنه بعض الشواهد اللغوية, ولم يأخذها عنه مباشرة, إنما أخذها عن تلميذه يونس بن حبيب، وكأنه لم يلقه ولم يجلس إليه. وفي أخباره ما يدل على أنه كان يأخذ بالاطراد في القواعد ويتشدد في القياس, فقد قال له بعض معاصريه: "أخبرني عما وضعتَ مما سميته عربية أيدخل فيها كلام العرب كله؟ فقال: لا، فقال له: كيف تصنع فيما خالفتك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015