فأثبتت الياء في "يأتيك" وهي في موضع جزم، وأورد في ذلك أيضا قول بعض الشعراء:

هجوت زبان ثم جئت معتذرا ... من سب زبان لم تهجو ولم تدع

إذ أثبت الواو في "تهجو" مع وجود لم الجازمة1. وكان البصريون لا يجيزون أن تقع اللام المؤكدة في خبر لكن على نحو ما تقع في خبر إن، وجوز ذلك الفراء محتجا بقول بعض الشعراء:

ولكنني من حبها لكميد

واحتج البصريون بأن ذلك شاذ لا يعول عليه2.

واشترط البصريون لمجيء كان زائدة أن تكون بلفظ الماضي, وأن تتوسط بين مسند ومسند إليه مثل: "ما كان أجملَ هذا المنظر"، وجوز الفراء زيادتها بلفظ المضارع لقول بعض الشعراء:

أنت تكون ماجد نبيل

وجوز أيضا زيادتها في آخر الكلام قياسا على إلغاء ظن آخره، فتقول: "زيد مسافر كان" كما تقول: "زيد مسافر ظننت" ومنع ذلك البصريون لعدم وروده في السماع3. ومر بنا في الفصل الخاص بالكسائي وتلاميذه أنه كان يُعْمل إن النافية عمل ليس لسماع ذلك عن بعض العرب, ولقراءة سعيد بن جبير: "إن الذين تدعون من دون الله عبادًا أمثالكم" بتخفيف النون في إن ونصب عبادا ومنع ذلك الفراء محتجا بأنها من الحروف التي لا تختص، فالقياس فيها أن لا تعمل، وكأنه بذلك قدم القياس على السماع4.

وعلى نحو ما نرى في المثالين الآنفين كان تارة يبسط ظل القياس وتارة يقبضه, غير ملتفت إلى السماع. ومما بسطه فيه دون شاهد يسنده إضافة اسم الفاعل المحلى بالألف واللام إلى العلم قياسا على جواز إضافته إلى المعرف بالألف واللام، فتقول: الضارب زيدٍ كما تقول: الضارب الرجل5. ومما قبضه فيه مع عدم أخذه بالسماع مجيء مرفوعين بعد كان، وجوز ذلك الجمهور على أن في كان ضمير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015