علماء اللغة والنحو في عصره. وكثيرا ما يتوارد مع سيبويه فيما ينشد من أشعار، مما يدل على أنه كان يضع كتابه نصب عينه وبصره1.
وقد مضى مثل النحاة البصريين وأستاذه الكسائي لا يستشهد بالحديث النبوي في كتابه "معاني القرآن"، إلا ما جاء عرضا وعفوا2 بحيث لا يصح التعميم عنده, وأن يقال: إنه كان يستشهد به، فقد كانوا يصطلحون على أن روايته بالمعنى وأنه رواه أعاجم غير ثقات في العربية. أما القراءات فهي محور الكتاب، وقد أدار عليها توجيهاته لها من أساليب العرب، متحدثا عن لغاتهم التي تجري مع القياس, والتي تشذ عنه في رأيه، مما جعله يرد بعضها أحيانا، كما رد بعض القراءات.
وليس معنى ذلك أنه لم يكن يتوسع في السماع من العرب، بل لقد كان يتوسع فيه إلى أقصى حد أمكنه، ملتمسا منه القياس، وخاصة إذا اتفق ذلك مع بعض آي الذكر الحكيم وبعض قراءاته. وقد يمد القياس إلى أحكام لم ترد في القرآن ولا على ألسنة العرب, ونضرب بعض الأمثلة لما بسط فيه القياس, معتمدا على القرآن وقراءاته وأشعار الشعراء. فمن ذلك أنه جوز إذا اجتمع شرط وقسم وتقدم القسم أن يكون الجواب للشرط، والبصريون يوجبون أن يكون الجواب للأول، ويتضح الخلاف في مثل: "لئن قمت أقوم معك", فالبصريون يحتِّمون أن تكون أقوم جوابا للقسم لوجود اللام الموطئة المؤذنة به وبذلك تكون مرفوعة، ويجوز الفراء أن تكون جوابا للشرط، فيقال: "لئن قمت أقم معك" بجزم المضارع في الجواب، واحتج لذلك بقول الأعشى:
لئن منيت بنا عن غب معركة ... لا تلفنا من دماء القوم ننتفل3
والبصريون يؤولون مثل ذلك بأن اللام زائدة4. وقد وقف بإزاء الآية الكريمة: