"في". وقد سمى حروف الزيادة حشوا ولغوا وصلة1 كما أطلق على الظرف اسم المحل2. وكان يسمي الاسم المنصرف والآخر الممنوع من الصرف على التوالي: ما يجرى وما لا يجرى, أو المجرى وغير المجرى، وعبر مرارا بالإجراء عن الصرف3.

وكان يسمي التمييز مفسِّرا، يقول تعليقا على قوله سبحانه: {فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا} : "نُصب الذهب لأنه مفسِّر، لا يأتي مثله إلا نكرة، فخرج نصبه كنصب قولك: عندي عشرون درهما، ولك خيرهما كبشا، ومثل قوله: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} . وإنما ينصب على خروجه من المقدار الذي تراه قد ذُكر قبله، مثل ملء الأرض أو عَدْل ذلك، فالعدل مقدار معروف، وملء الأرض مقدار معروف، فانصبْ ما أتاك على هذا المثال ما أُضيف إلى شيء له قدر، كقولك: عندي قدر قفيز4 دقيقا، وقدر حَمْلَة تبنا، وقدر رطلين عسلا. فهذه مقادير معروفة يخرج الذي بعدها مفسِّرا؛ لأنك ترى التفسير خارجا من الوصف يدل على جنس المقدار من أي شيء هو، كما أنك إذا قلت: عندي عشرون، فقد أخبرت عن عدد مجهول قد تم خبره، وجُهل جنسه، وبقي تفسيره، فصار هذا مفسرا عنه؛ فلذلك نُصب"5. وسمى المفعول لأجله في بعض المواضع تفسيرا, يقول تعليقا على الآية الكريمة: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ} : "نصب {حَذَرَ} على غير وقوع من الفعل عليه، لم يرد يجعلونها حذرا، إنما هو كقولك: أعطيتك خوفا وفرقا، فأنت لا تعطيه الخوف، وإنما تعطيه من أجل الخوف، فنصبه على التفسير ليس بالفعل "أي: ليس مفعولا به" كقوله عز وجل: {يَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} , وكقوله: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} "6.

وأكثر من تسمية البدل تكريرا وتبيينا وتفسيرا وترجمة7، وكأنه بكل ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015