الفصل الثالث: الفراء

1- نشاطه العلمي:

هو يحيى1 بن زياد بن عبد الله، من أصل فارسي من الديلم، ولد بالكوفة سنة 144 للهجرة، ونشأ بها، وأخذ يكبّ منذ نشأته على حلقات المحدثين والقراء أمثال أبي بكر بن عياش وسفيان بن عيينة، واختلف إلى حلقات الفقهاء ورواة الأشعار والأخبار والأيام. وأكثر من الاختلاف إلى حلقة أبي جعفر الرواسي وكأنه لم يجد عنده كل ما يريد من علم العربية، مما جعله يرحل إلى البصرة ويتتلمذ على يونس بن حبيب ويحمل كثيرا عنه مما كان يرويه من لغات الأعراب وأشعارهم. ونظن ظنا أنه اختلف حينئذ إلى حلقات المعتزلة التي كانت مهوى قلوب الشباب والمثقفين والأدباء في البصرة، وأنه تلقن حينئذ مبادئ الاعتزال، وظل مؤمنا بها حفيا، مما جعل مترجميه يقولون: إنه كان متكلما يميل إلى الاعتزال، وآثار اعتزاله واضحة في كتابه معاني القرآن, إذ نراه فيه يتوقف مرارا للرد على الجبرية. ولعل صلته بالاعتزال والمعتزلة هي التي دفعته إلى قراءة كتب الفلسفة والطب والنجوم، فقد كان المعتزلة يحرصون على قراءة هذه الكتب حتى ليقول الجاحظ كما مر بنا: "لا يكون المتكلم جامعا لأقطار الكلام, متمكنا في الصناعة حتى يكون الذي يحسن من كلام الدين في وزن الذي يحسن من كلام الفلسفة، والعالم عندنا "يريد المعتزلة" هو الذي يجمعهما".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015