كان الكسائي متعدد الجوانب، إذ كان من أئمة القراء واللغويين والنحاة؛ ولذلك كثر تلاميذه وتعددوا حسب الجوانب التي كان يتقنها ويحاضر فيها ويملي، فمنهم من أخذ عنه القراءات واللغة، ولعل أشهرهم أبو عبيد القاسم1 بن سلام، وقد جمع من إملاءاته كثيرا في كتابه "معاني القرآن" وصور قراءاته في كتابه عن القراءات. وكانت له عناية شديدة باللغة ورواية غريبها على نحو ما هو معروف في كتابه الغريب المصنف. وتذكر له كتب النحو أنه كان يذكر أن بين العرب قوما ينصبون بإن وأخواتها الاسم والخبر جميعا، كقول بعض الشعراء:
إذا اسود جنح الليل فلتأت ولتكن ... خطاك خِفافا إن حراسنا أسدا
والجمهور يتأولون ذلك ومثله على الحال, وأن الخبر محذوف2. ومنهم من شدا عنه اللغة والشعر وأطرافا من النحو، وهم جماعة من المؤدبين، لعل أشهرهم علي3 بن المبارك الأحمر مؤدب الأمين، وكان يحفظ كثيرا من القصائد وأبيات الغريب، وروى السيوطي أنه كان يزعم -مع الفراء- أن ما قد تكون أداة استثناء، بدليل قول بعض العرب: "كل شيء مَهَهٌ "سهل" ما النساءَ وذكرَهن" أي: إلا النساء وذكرهن. وتأوله النحاة بأن فعل الاستثناء بعد ما حذف، والتقدير: ما خلا أو ما عدا النساء وذكرهن4.
وممن قرأ عليه اللغة والنحو وقراءة حمزة محمد5 بن سعدان الضرير وكان