القسم الثاني: المدرسة الكوفية

الفصل الأول: نشأة النحو الكوفي وطوابعه

1- النشأة:

تركت الكوفة للبصرة وضع نقط الإعراب في الذكر الحكيم ووضع نقط الإعجام، والأنظار النحوية والصرفية الأولى التي تبلورت عند ابن أبي إسحاق والتي أقام عليها قانوني القياس والتعليل، إذ كانت في شغل عن كل ذلك بالفقه ووضع أصوله ومقاييسه وفتاواه وبالقراءات وروايتها رواية دقيقة، مما جعلها تحظى بمذهب فقهي هو مذهب أبي حنيفة وبثلاثة من القراء السبعة الذين شاعت قراءاهم في العالم العربي، وهم: عاصم وحمزة والكسائي. وعُنيت بجانب ذلك عناية واسعة برواية الأشعار القديمة وصنعة دواوين الشعر، وإن كانت لم تعن بالتحري والتثبت فيما جمعت من أشعار، حتى ليقول أبو الطيب اللغوي: "الشعر بالكوفة أكثر وأجمع منه بالبصرة, ولكن أكثره مصنوع ومنسوب إلى من لم يقله، وذلك بيّن في دواوينهم"1.

وعادة تذكر كتب التراجم أولية للنحو الكوفي مجسدة في أبي جعفر الرواسي ومعاذ الهراء. أما الرواسي فيقول مترجموه2: إنه أخذ النحو عن عيسى بن عمر وأبي عمرو بن العلاء، وعاد إلى الكوفة فتتلمذ عليه الكسائي، وألف لتلاميذه كتابا في النحو سماه "الفيصل"3. وكان يزعم أن كل ما في كتاب سيبويه من قوله: "وقال الكوفي" إنما يعنيه، غير أن الكتاب يخلو خلوا تاما من هذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015