هو أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان، وُلد بسيراف سنة 280 للهجرة، وكان أبوه مجوسيا يسمى بهزاد، فأسلم وتسمى باسم عبد الله. ويظهر أنه دفع ابنه إلى التعلم منذ نعومة أظفاره، ولم يلبث التلميذ الناشئ أن أكبّ على دروس اللغة والدراسات الدينية ببلدته، ولم يكد يبلغ العشرين من عمره حتى خرج إلى عمان وتفقه على شيوخها، ثم تحول عنها إلى بغداد، فدرس اللغة على ابن دريد والنحو على ابن السراج والقراءات علي أبي بكر بن مجاهد، وتعمق في الفقه تعمقا جعله يُختار لتولي منصب القضاء في الجانب الشرقي لبغداد، ولم يلبث أن ولي قضاء الجانبين: الشرقي والغربي جميعا، وهو في أثناء ذلك يتولى تدريس الفقه الحنفي للطلاب بمسجد الرصافة نحو خمسين عاما. وبلغ من إجلال الناس له أن كانوا يخاطبونه بإمام المسلمين وشيخ الإسلام. وبجانب ذلك كان يعنى بالنحو ويفزع إليه الطلاب في تفسير عويصه وحل مشاكله ومستغلقاته. وكان يعتنق الاعتزال مما جعله شديد الصلة بالمنطق والمباحث الفلسفية، وهي صلة سلّحته بقوة الحجة وسلامة البرهان، مما أضرم فيه نار الجدل، وجعله يظفر دائما بمناظريه. ومناظرته التي أفحم فيها متى بن يونس مشهورة، وكان موضوعها النحو والمنطق أيهما أدق في معرفة صحيح الكلام من سقيمه وسديده من مدخوله، وكان يدافع فيها عن لنحو، وأغصه بريقه. وكان يشغف شغفا شديدا بكتاب سيبويه، فألف عليه شرحه المطول الذي لم يطبع إلى اليوم، وهو يضم فيه آراء مخالفيه من البصريين والكوفيين جميعا،