ويكون من واجب ولاة الأمر حِينَئذٍ التقصي والاجتهاد في اختيار مُعاونيهم في شتى الأعمال، ومتابعتهم بعد ذلك، وتقويم اعوجاج سُلوكِهم، أو حماية المجتمع من شرورهم بإقصائهم بعد معاقبتهم، ليتحقق المفهوم العام القائل: الرجل المناسب في المكان المناسب.

وما يسببه البعض من إحراج للمسئول عند مراجعته لإنجاز معاملته - وتكون ناقصة المعلومات، أو مخالفة لمقتضيات النظام - فيذكّره بقرابته، ويستفزه بعبارات المديح، وبما له عليه من حقوق، مما يضطره إلى مجاملته، وتقديم طلبه على المستحقين قَبْلَهُ، أو أن يعامله بخلاف نصوص التنظيم، فيضطرب أمر الدائرة، ويتسلل الخطأ، وربما يعالج بخطأ آخر.

فعلاج ذلك - في مفهومي - دراسة الأنظمة - قبل وضعها موضع التنفيذ - دراسة دقيقة وافية من قِبَل مختصين، أهل دراية، وخبرة شرعية وقانونية، ثمَّ تُطْرح للتجربة، ويتابعون تنفيذها، والعمل بها مدّة تتناسب وأهميّة النظام من حيث مِساسه بالجمهور، وباعتباره قاعدة تقوم عليها أسس أخرى. وألاَّ يستنكف واضعو النظام من الأخذ بكلّ ملاحظة مهما كان حجمها، أو قَدْرَهَا، ويستفيدون منها في التجربة، فيضيفون أو يحذفون، ثمَّ بعد التأكّد من صلاح النظام بنسبة معقولة، يعاقب كلّ من يخالفه أو يتجاوزه بزيادة أو نقص عقابًا صارمًا يصل في المرحلة الثالثة إلى فصل المتسبب من عمله، والغرامة المالية لغير العاملين في السلك الوظيفي، وأن يُجعل شعار كلّ دائرة لها اتصال بالمواطنين: (المصلحة العامة فوق كلّ شيء) ، وفي هذا قضاء على (المحسوبية) ، وإعطاء الموظّف القدر الكافي من الجرأة لرفض كل ما يخالف الأنظمة.

و (المداراة) لا تكون أبدًا على حساب العقيدة الصحيحة، ولا تنافي المروءات، ولا تكون عونًا للظالم على ظلمه.

بل هي أسلوب لحياة كريمة، ووسيلة للتوصّل إلى الحق، وتحصيل الحقوق،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015