حتى ولو خسر تحقيق غايته. وحاجة الإنسان لغيره لا ينفكّ يطلبها ما دبَّ على الأرض. ويطلبها غيره منه، في أكثر أحواله، وحينه.
ولمّا كان الإنسان منّا يعتريه الضّعف، ويظهر منه التقصير، فإنّه يلجأ - حينئذٍ - إلى الاحتيال على واقعه، محاولاً الخروج بما يظنّه خيرًا بأساليب، وأفاعيل شتى.
وإذا ضعف أمام حاجة نفسه، وشهواتها، ورغباتها، استهوته الشياطين حيران بين مُضي وإحجام.
ولا تنفك النّفس - الأمّارة بالسوء - تلح في الطلب حَتَّى يستحوذ على الإنسان شعور بالعجز عن مقاومتها، والحدُّ من تفلّتها، وغلوائها، فيقع في المحذور، ويتزعزع حينئذٍ كيانه الأخلاقي، ويساق إلى أغوار ساحقة، بغيضة من الدونية في تفكيره، وتحليله للأمور.
ومتى استطاع الإنسان سبيلاً إلى خلق التوازن بين متطلبات نفسه، وما يحكم الخلْق من ضوابط، ونواميس كونية، وشرائع سماوية، استطاع أن يحدَّ كثيرًا من سرعة انزلاقه فيما يخالف أمور الدين، والأخلاق. وقد أنزل الله إلى أمّة محمد صلى الله عليه وسلم شريعة سمحة، توافق طبائعهم الفطرية والمكتسبة في مجتمع إسلامي قائم على الحقّ المبين. فإن أخذ بها المسلم، وجعلها طوقًا في عنقه، كسب، وأكسب غيره الخير منه.
فعندما تضيق عليه السبل يعمل بقوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح / 5 - 6] .
وعندما يستبطيء النتائج يعمل بقوله تعالى: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل / 126]