هذا الفعل من النبي صلى الله عليه وسلم كان اجتهادًا منه، حَتَّى أن ربّه جلّ وعلا عاتبه في ذلك في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التحريم / 1] .
والرسول صلى الله عليه وسلم من منطلق بشريته، وإنسانيته السوية يقع له مع أهل بيته من الخلافات، والمنازعات ما يمكن أن يقع بين أي ربّ أسرة مع أسرته.
وربما نغّص عليه ذلك النزاع، وأغضبه، ودفعه إلى اعتزال نسائه كلهن مدّة شهر من الزمان 1.
ولكنّه في كلّ الأحوال يبقى ذلك الإنسان الكريم، ذا الخلق العظيم. فلا يظلم، ولا يجور، ولا يقول إلا الحق.
وكان صلى الله عليه وسلم يحرص على إرضاء أزواجه وفق مفهوم ما شُرِع لهن على أزواجهن من حقوق، يأتي في مقدمتها حسن المعاشرة. بالتلطف إليهن، والعدل والمساواة بينهن، وتجنب ما يكدر عليهن صفو حياتهن.
وذلك ليشرِّع للنّاس ما يتَّبعونه من آداب، وأخلاق فيما بينهم. فتحريمه العسل كان لإرضاء من أثّر في نفسها تأخره عند جارتها وقتًا أطول مما يمكثه عند الأخريات. وحلْفه عليها ألاّ تخبر أحدًا كان مراعاة لشعور زوجاته الأخريات اللاتي لم يطَّلعن على الخبر أساسًا.
فإذا نظرنا إلى نوع الفعل الَّذي وقع منه صلى الله عليه وسلم وجدناه فعلاً لا تدخله شبهة