فالوعظ ظاهر في هذه الأبيات، وفيها دعوة إلى التقى والعمل الصالح، والتزوّد لليوم الآخر، وأين الأعشى الجاهلي، شاعر الخمر، الذي ردّته قريش- كما روي- عن الوصول إلى النبي الهادي وأغرته بالمال، وحذرته من أن الإسلام يحرّم الخمر، الذي يعيش الشاعر من أجله وفي أجوائه، أين هو من الوعظ والتذكير باليوم الآخر.
هذا التوجه الديني في قصيدة الأعشى هو الذي جعل ابن نباته (?) يلحق قصيدة الأعشى بالمدائح النبوية، ويسميها نبوية، فيقول عنه: «ومن محاسن شعره، قوله في القصيدة النبوية» (?) .
ومن أمثلة ذلك أيضا ما قيل عن شعر أبي طالب، ومدحه لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقد نصّ ابن سلام (?) على أن أبا طالب كان: «شاعرا جيد الكلام، أبرع ما قال قصيدته التي مدح فيها النبي صلّى الله عليه وسلّم ... وقد زيد فيها وطوّلت.. وسألني الأصمعي (?) عنها، فقلت صحيحة جيدة، قال: أتدري أين منتهاها؟ قلت: لا» (?) .
والقصيدة هي:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل
يلوذ به الهلّاك من آل هاشم ... فهم عنده في نعمة وفواضل