شدتها، فاتفق أنه رأى في منامه رسالة من النبي صلّى الله عليه وسلّم، يتقاضاه المدح، ويعده البرء من سقمه، فعدل عن تأليف ذلك الكتاب إلى نظم قصيدة تجمع أشتات البديع، وتتطرز بمدح محتده الرفيع» (?) .
ولهذا نجد أبا بكر بن القنائي (?) ، يغبط شعراء المدح النبوي بقوله:
هنيئا لمدّاح النّبيّ محمّد ... وإن قصّروا عن واجب المدح والشّكر
لقد سعدوا دنيا وأخرى بمدحه ... وفازوا وقد حازوا به أعظم الأجر (?)
فمادحوا النبي الكريم حازوا سعادة الدنيا والآخرة، أملوا سعادة الآخرة، لأنهم اعتقدوا اعتقادا جازما بأن مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سيجلب لهم شفاعته، وهي جائزتهم على المدح، ومغفرة الله تعالى لهم، لأنهم أثنوا على حبيبه، وأحسوا بسعادة الدنيا، لأنهم مقتنعون بمنافع المدح النبوي، وبأثره في كشف الكرب وإزالة الهم، ولأنهم يشعرون بحلاوة الإيمان ونشوة التقوى، وراحة الطاعة، ولهذا وصف ابن عربشاه (?) المدح النبوي بقوله:
ولقد شكوت إلى طبيبي علّتي ... ممّا اقترفت من الذّنوب الجانية
وصف الطّبيب شراب مدح المصطفى ... فهو الشّفا فاشرب هنيئا وعافية (?)
لقد أضحى المدح النبوي دواء للخلاص من الذنوب، وإن كان التشبيه يشي بما كان