البيت ومدح بعض رؤساء المذاهب الدينية، وربما مدح لإعجابه بالممدوح فقط، دون أن يطمح من وراء مدحه إلى مال أو جزاء.
وهكذا تنوع المديح وتنوعت دواعيه، فأفرغ فيه الشعراء ما جادت به قرائحهم، وما جمعته عقولهم. وتلون بألوان مختلفة في كل عصر وفي كل بيئة، ووفق قدرات كل شاعر واستعداداته، ولم يكن تكرارا مملا على مر العصور، بالإضافة إلى أن قصيدة المدح كانت تجمّل بالغزل الرقيق، وبذكر الديار والأحبّة وبوصف الطبيعة، وبكثير من أحوال النفس الإنسانية في فرحها وترحها، وفي صفائها وتعقيدها، إلى جانب ما يودعها الشاعر من خلاصة تجاربه في الحياة، ونظرته إليها في قالب حكم ومواعظ.
وقد جرت العادة في الجاهلية أن يتوجه الشعراء إلى الرجال البارزين بالمدح والثناء، وخاصة إذا كان الممدوح من رجال قبيلة الشاعر، وكان المدح يدور حول القيم الجاهلية التي اعتز بها العربي من شجاعة وكرم وطيب المحتد، وشرب الخمر، والمقدرة على الغزو والسلب والسبي إلى غير ذلك من القيم التي اقتضتها البيئة الجاهلية، وعندما بعث الرسول صلّى الله عليه وسلّم اتجهت إليه أنظار العرب في الجزيرة العربية، وانقسموا اتجاه رسالته السماوية ما بين مؤيد لها ومؤمن بها، ومتنكر لها كافر بها، فالجاحد لهدي النبي الأمين هاجمه وأظهر الخوف على القيم الجاهلية التي تحفظ امتيازاته، والمصدق المؤمن توجه بالمدح إلى الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم. ومن هنا نشأ المدح النبوي، وافترق عن غيره من المدح لأنه مرتبط بذات النبي المصطفى والنبي صلّى الله عليه وسلّم يختلف عن غيره من البشر.
فشخصية الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم العظيمة، شغلت العرب وبهرتهم، فاتجه الشعراء إليه بالمدح كما فعل الأعشى وغيره من شعراء الجاهلية، وكما فعل الشعراء المسلمون الذين آمنوا بدعوته، وانضووا تحت رايته.
ومن ثم نشأ الجدل حول الشعر، والمدح منه خاصة، واختلف الناس في إباحة