فهل كان المولد مكتوبا على عهد هؤلاء الصحابة؟ وهل عرف الصحابة الاحتفال بهذه المناسبة؟ فالظاهر من هذه الروايات التي تعظم قراءة المولد النبوي وتحث عليه، أن واضعيها أرادوا أن يجعلوا للمولد مهابة في النفوس وقداسة، وأرادوا دفع الناس إلى الاعتقاد ببركته، وإلى البذل على الاحتفال به، ووعدوهم أعلى المراتب عند الله تعالى فرفعوا قراءة المولد على العبادات، ولم يتركوا عالما أو فقيها له شهرة إلا نقلوا عنه كلاما في فضائل قراءة المولد، فنقلوا عن الحسن البصري (?) قوله: «وددت لو كان لي مثل جبل أحد ذهبا، فأنفقه على قراءة مولد النبي صلّى الله عليه وسلّم» .
وقال معروف الكرخي (?) : (من هيّأ طعاما لأجل قراءة مولد النبي صلّى الله عليه وسلّم وجمع إخوانا، وأوقد سراجا، ولبس جديدا وتبخّر وتعطر، تعظيما لمولد النبي صلّى الله عليه وسلّم حشره الله يوم القيامة مع الفرقة الأولى من النبيين، وكأنه في أعلى عليين» (?) .
أيمكن أن يقال في هذا الكلام غير أنه مختلق، وضع لإرساء تقاليد معينة لقراءة المولد النبوي؟
ومثل هذا يقال عمّا نقل على لسان الإمام الرازي (?) : «ما من شخص قرأ مولد النبي صلّى الله عليه وسلّم على ملح أو برّ أو شيء آخر من المأكولات، إلا طرحت فيه البركة.. وغفر