وقد يكون مأخذ العلماء على المحتفلين بالمولد النبوي، يتعدى المظاهر، وما يفعل به من أعمال لا تتلائم مع الشريعة، وينصبّ على ما يقال في هذا المولد، والذي يختلط بعقائد فاطمية تسرّبت إليه، لأن الفاطميين هم من أوائل الذين احتفلوا بالمولد النبوي، ولا شك أنهم جعلوه مناسبة لترويج عقائدهم، وكذلك المتصوفة، الذي أدخلوا بعض آرائهم إلى المولد النبوي، فهم الذين كانوا يحيون احتفال المولد، ويقيمون حلقات الذكر فيه، ويتغنون بأناشيدهم، والمعروف عنهم ميلهم إلى الغيبيات، ووضع قصص المعجزات، مثلهم مثل الوعاظ الذين يؤلّفون قصص الوعظ الحافلة بمبالغات الترغيب والترهيب، فدخلت القصص الخيالية إلى الموالد النبوية التي جعلها المتصوفة «أحبولة يتصيّدون بها أهواء الناس ... فهم لا يكتفون بقراءتها في الذكرى، ولكنهم يقرأونها حين تخلق المناسبات كحفلات الأعراس» (?) .

ولذلك كانت مقاومة بعض علماء المسلمين لهذه الأفكار نابعة من حرصهم على ألا يصبح المولد النبوي مدخلا للأفكار الغريبة التي تشوه صفاء الشريعة، أو مدخلا لإضفاء نوع من الشرعية على بعض ألوان الملاهي، لهذا أطنب أحد العلماء «في الإنكار على ما أحدثه الناس من البدع والأهواء والتغني بالآلات المحرمة عند عمل المولد الشريف» (?) .

بيد أن كتاب المولد النبوي كانوا متحمسين للمولد، لا يعبؤون بما يقال عنهم، ويدعمون توجههم باراء علماء الدين الذين استحبوا هذه البدعة، فجاء في مولد الهدى: «وقد أقر الإمام أبو شامة (?) شيخ الإمام النووي، (?) ، وابن الجوزي (?) ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015