وكان للحروب الصليبية أثرها في ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في هذا العصر، إذ إن الغزو الأوربي لمشرق الوطن العربي ومغربه كان باسم الدين، ويظهر أن الغزاة الذين اتخذوا الصليب شعارا لهم ولحملاتهم، انتقصوا من الإسلام ومن رسوله الكريم، مما دعا الشعراء إلى الدفاع عن الإسلام ونبيه، ومدحه، والإشادة بالقادة الذين يحرزون انتصارات على الصليبيين ومدحهم بأنهم نصروا الإسلام ونبيه، لذلك كثيرا ما نجد في مدائح القادة مثل قول ابن منير الطرابلسي (?) في مدح نور الدين الشهيد:
ألبست دين محمّد يا نوره ... عزّا له فوق السّها أساد (?)
واستمرت في هذا العصر طريقة الشعراء في التمثّل بأحوال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والدعوة إلى الاقتداء بسيرته الكريمة، والتأسّي بما جرى له، والمقارنة بين عمل حصل في هذا العصر وعمل حصل في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فعمارة اليماني (?) يدعو الناس إلى الاعتبار برسول الله، والاقتداء بطريقته في التعامل مع المصائب، فيقول:
ومن أراد التأسّي في مصيبته ... فللورى برسول الله معتبر (?)
ويكثر ابن حيوس من مثل هذه الأمثال والمقارنات، فيقول في التأسي:
لكم في رسول الله أعظم أسورة ... فلا تظهر الشّكوى ولا يتعب الفكر (?)