المخلصيات (صفحة 927)

دارِهِ على طنفسةٍ، وهو رجلٌ قد غلبتْ عليهِ الخمرُ، فإنْ تجداهُ صاحياً مِنها تَجدا (?) رجلاً عَربياً، وتَجدانِ مِنه الذي تُريدانِ أَن تَسألا عَنه، وإنْ تَجداهُ وقد ثملَ مِنها فانصرِفا عنه.

فخَرْجنا إِليه فوَافيناهُ (?) شيخاً كبيراً أَسودَ، رأسُهُ مثلُ الثُّغامةِ بفناءِ دارِه على طنفسةٍ صاحياً، فرفَعَ رأسَه إلى عُبيداللهِ بنِ عديٍّ، فقالَ: عُبيداللهِ بنُ عديِّ بنِ الخيارِ أنتَ؟ قالَ: نَعم، قالَ: أَمَا واللهِ ما رأيتُك منذُ ناولتُكَ أُمَّكَ السَّعديةَ التي أَرضعَتْكَ بِذي طُوى وهي على بعيرِها إلى اليومِ، فلمَّا رأيتُكَ عرفتُكَ، فجلَسْنا إِليه وقُلنا: أَتيناكَ نسألُكَ عن حديثِ قتلِكَ حمزةَ، كيفَ كانَ؟

فقالَ / لنا: أَمَا إنِّي سأُحدثُكم بما حدَّثتُ به رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: كنتُ بمكةَ لجُبيرِ بنِ مطعمٍ، وكانَ طعيمةُ ابنُ عديٍّ عمُّه قُتلَ يومَ بدرٍ، فقالَ: إنْ قَتلتَ حمزةَ عمَّ محمدٍ فأنتَ حرٌّ، قالَ: وكانت لي حربةٌ أَقذفُ بها قلَّ ما أَجلتُها إلا قَتلتْ، فخرجتُ مع الناسِ يومَ أُحدٍ وإنَّما حاجَتي قتلُ حمزةَ، فلمَّا التقَى الناسُ أَخذتُ حَربَتي وخرجتُ أَنظرُ حمزةَ وهو في عرضِ الناسِ مثلُ الجملِ الأَورقِ يَهُذُّ الناسَ بسيفِهِ هذّاً، ودَنا مِني إلا أنَّه يَستترُ مِني بأصلِ شجرةٍ أو صخرةٍ، إذْ بدرَ مِن الناسِ فلانُ بنُ عبدِالعُزى، فلمَّا رآهُ حمزةُ قالَ: هلمَّ يا ابنَ مُقطِّعةِ البُظورِ، فضرَبَه، فواللهِ لكأنَّما أَخطأَ رأسَه، وهَززتُ حَربتي حتى إذا رضيتُ مِنها دفعتُها عَليه، فَوقَعتْ بينَ كَتفيهِ حتى خرجَتْ مِن بينِ ثَدييهِ، وتركتُه واستأخرتُ عنه حتى ماتَ رحمَه اللهُ، ثم قمتُ إليهِ فانتزَعْتُها مِنه، ثم أتَيتُ العسكرَ فقعدتُّ فيه، فلم يكنْ لي حاجةٌ بغيرِهِ، وإنَّما قتلتُه لأُعتَقَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015