المخلصيات (صفحة 1175)

تعبُرُه؟ قالَ: على الماءِ ذاهباً وعلى الماءِ جائياً، فقالَ له إبراهيمُ عليه السلامُ: قُمْ بِنا فلعلَّ الذي ذَلَّلَه لكَ سَيُذَلِّلُهُ لِي، فانطَلَقا فعَبَرا على الماءِ، كلُّ واحدٍ مِنهما يَعجبُ مما آتى اللهُ صاحبَه.

قالَ: فلمَّا دخلَ الغارَ إذا قبلتُهُ قبلةُ إبراهيمَ، فقالَ له إبراهيمُ عليه السلامُ: يا شيخُ، أيُّ يومٍ أعظمُ؟ قالَ: ذاكَ يومُ يأمرُ اللهُ عزَّ وجلَّ جهنمَ فتزفرُ زفرةً لا يَبقى ملَكٌ مُقربٌ ولا نبيٌّ ولا شهيدٌ إلا خرَّ لوجهِه تهمُّه نفسُه، قالَ: فقالَ له إبراهيمُ: ادعُ اللهَ أَن يؤمِّنَني وإياكَ مِن هَولِ ذلكَ اليومِ، قالَ: وما تَصنعُ بدُعائي؟ إنِّ لي دعوةً في السماءِ منذُ ثلاثِ سنينَ لم أَرَها، قالَ: فقالَ له إبراهيمُ: تُريدُ أَن أُخبركَ لم حبسَها عنكَ؟ قالَ: ولِمَ؟ قالَ: لأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ إذا أحبَّ عبداً أخَّرَ مسألَتَه لحُبِّه صوتَه، وجعلَ له على كلِّ مسألةٍ مِما لم يخطرْ على قلبِ بشرٍ، وإِذا أَبغضَ عبداً عجَّلَ مسألَتَه لبُغضِهِ صوتَه، وأَلقى الإياسَ في صدرِهِ، فما مسألتُكَ ذه؟ قالَ: مرَّ بي مذُ (?) ثلاثِ سنينَ غلامٌ في هَذا المكانِ في وسطِ رأسِهِ ذؤابةٌ مَعه بقرٌ كأنَّها دُهنتْ، وغنمٌ كأنَّها حُشيتْ، فقلتُ: يا فَتى، لِمَن هَذه؟ قالَ: لإبراهيمَ خليلِ اللهِ، قالَ: فقلتُ: اللهمَّ إنْ كانَ لكَ في الأرضِ خليلٌ فلا تُمِتْني حتى تُرنيهِ، فاعتنَقَه إبراهيمُ وقالَ: لقد أُجيبتْ مسألتُكَ.

وإنَّما كانَ قبلَ ذلكَ الإيماءُ هَذا لِهذا وهَذا لِهذا إِذا هو لقيَهُ، وقد جاءَ اللهُ بالإسلامِ، فإنِّما هي المصافحةُ، فما مِن مُتصافِحَين يَتَصافَحانِ إلا لم تَفترق الأصابعُ حتى يُغفرَ لهما» (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015